ليس كل ما يلمعُ ذهباً
عصام حسين المطري
الخبرة المتواضعة في الحياة تجعلك فريسة سهلة للسذج والبلهاء من الأقراب والقرناء الذين يلحنون في القول، وقد تدفع بك تلك الخبرة إلى الإنزواء والانطواء إثر عثرات وانتكاسات مكسوة بالفشل بحيث يخالك الناس رديفاً للانكسار سليب الإرادة والقرار على نحو يدفع بك دفعاً إلى استلطاف الهواجس والظنون والأوهام غير متقبل للنتاجات في واقع الحياة المعاش هذا فضلاً عن ارتفاع حدة التكلف في السلوك والأفعال ليضرب أطناب الغباء على واقعه الأليم الملبد بالغيوم الذي لا يرى في الأخلاء جميعهم صديقاً حميماً يشاطره أفراحه واتراحه ويجود عليه بالنصائح الغاليات.
فالرجال معادن متفاوتة وليس كل ما يلمعُ ذهباً فالكيس من أدان نفسه واستعد ليوم الرحيل حتى يأخذ من الخير أقله.. المهم أن يكون مغلاقاً لكل شر ويناصب الأشرار العداء فالقلوب كالقدور تغلي بما فيها وألسنتها مغارفها وقد خلق الله لك فماً واحداً وأذنان اثنتان من أجل أن تسمع أكثر مما تتكلم, فالمرء مخبوء تحت لسانه فإن تكلم ظهر فلا تكن مفتاحاً لسلاسل العيوب وأعلم أن الصدق صدقة وهو نجاة من الهلاك في الدنيا والآخرة فالصادق مطمئن النفس هادئ البال يجد البركة في الكسب ويجلب محبة الله ورسوله وله قبول عند الناس وينجو من المكروه ويوفقه الله إلى حسن الخاتمة ويفوز بمنزلة الشهداء في الجنة فما سبق يعد ثماراً حقيقية للصدق أن صدق العبد مع الله عز وجل حاز بل كان له نصيب منها, أما عواقب الكذب فحدث ولا حرج فالكذاب مضطرب النفس وتمحق البركة في كسبه ويجلب على نفسه بغض الله ورسوله كما أن الكاذب لا يفوز بقبول الناس بل تكون عاقبة كذبه نبذ الناس له كما أن الله عز وجل لا ينجي الكاذب من المكروه بل يقع في المكروه ويقوده الكذب الدائم إلى سوء الخاتمة والعياذ بالله ويوصله ذلك إلى النار.
ونصل هنا إلى تقرير حقيقة دافعة في أن بعض الناس يبالغ بالاهتمام بمظهره الخارجي فلا يلبس إلا أحسن الثياب ذي الماركات الباهظة الثمن بينما باطنه قذارة ورجس من حيث سريرته فيسيء الظن بالآخرين والظن أكذب الحديث ونيته من وراء كافة أعماله سواءً التعبدية إن تعبد أو غيرها تحركها مقاصد أرضية ضحلة فلا يبغي من أعماله رضاء الله سبحانه وتعالى وإنما يبحث عن رضاء المخلوق ومن أجل أن يقول الناس فلان يعمل كذا وفلان شاطر وذكي ونجيب.. فحقاً ليس كل ما يلمعُ ذهبا فنعوذ بالله من النفاق والشقاق وسوء الأفعال والأعمال فاليوم دنيا وغداً آخرة فمن مات قامت قيامته فعقلك برأسك كما يقولون فانظر ما أنت ذهب حقيقي أو مالك من الذهب سوى اللمعان فقط.
وإلى لقاء يتجدد بكم والله المستعان على مايصفون.