المولد النبوي.. الهدي والتغيير
لقد كان يوم الاثنين، الثاني عشر من شهر ربيع الأول، عام الفيل، نقطة تحول للأمة الإنسانية جمعاء بمولد النبي والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم والذي يمتلك عصاً سحرية لتغيير الواقع الإنساني العالمي ابتداءً من تغيير واقع الأمة العربية وواقع أعراب قريش على وجه الخصوص، ذلكم أنه ولد في أشرف بيت من بيوت العرب, فهو من أشرف فروع قريش، وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة في العرب, وأزكاها نسباً، وأعلاها مكانة، وقد روي عن العباس رضي الله عنه, عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ” إن الله خلق الخلق، فجعلني من خيرهم من خير فرقهم، وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني من خير بيوتهم, فأنا خيرهم نفساً، وخيرهم بيتاً” رواه الترمذي بسندٍ صحيح.
لقد جاء النبي والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بالهدى والدين الإسلامي الخاتم الذي دعا إليه جميع الأنبياء والمرسلين عليهم السلام بعد أن انقطعت علاقة السماء بالأرض, وخلت الدنيا من دين سماوي صحيح ممكن أن يتعبد به الناس ويتقربوا من خلاله إلى الله سبحانه وتعالى الخالق المصور البديع العليم, ولم يبق سوى مسحه من الحنفية الإبراهيمية, وهرطقات من عبادة الأحجار والأوثان في مكة وما جاورها، وكان أول من ابتدع عبادة الأحجار والأصنام في مكة عمرو بن لحي، وهو في إحدى سفرياته من مكة إلى المدينة, إلى ذلك تفشي الزيغ والضلال في العالم الإنساني الكبير في تلك الحقبة الزمنية من التاريخ الإنساني، فمنهم من عبد النار, ومنهم من عبد الشمس وغير ذلك من الانحراف.
وبالنظر إلى جملة من الأمور نستطيع القول: إن منظومة الهدي التي جاء بها هذا النبي الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم حملت في طياتها وبين جوانحها عقيدة التوحيد والشريعة الإسلامية الخاتمة السمحة وما يفرضانه من تعبد وتزكية للأنفس والجوارح، ومنهاج الحياة الإسلامية التي تنظمها الشريعة الإسلامية الخالدة في العديد من المجالات الحياتية المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها الكثير من الميادين الحياتية المتنوعة, حيث أقر الإسلام الحقوق العالمية للإنسانية والآدمية قبل ألف وأربعمائة سنة ونيف محققاً سبقاً على الحضارة الغربية الأوروبية التي اقتبست حقوق الإنسان من التشريع الإسلامي, فالإسلام أقر المساواة بين جميع خلق الله فلا فضل لأعجمي على عربي ولا فرق بين عربي وعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح ولا فرق بين أسود وأبيض إلا بالتقوى والعمل الصالح, فالناس أمام الشريعة والقوانين المقتبسة سواسية كأسنان المشط.
إن الهدي الذي جاء به محمد بن عبدالله الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يؤسس لحضارة عظيمة ليس فيها نواقص كالحضارة الأوروبية الغربية, حيث لا ننسى الحضارة العربية الإسلامية التي شيدها المسلمون في تلك الحقب الزمنية العديدة ولأن الفضل ما شهدت به الأعداء فالمستشرقة الألمانية “زيغريد هونكا” التي تحدثت في كتابها “شمس العرب تسطع على الغرب” عن مآثر العرب والمسلمين وتفوقهم في العديد من المجالات الحياتية وأن الحضارة الغربية الأوروبية اقتباس هائل عن الحضارة العربية والإسلامية في مختلف العلوم, ويبقى أن نشير إلى أن معظم مؤلفات العرب والمسلمين تدرس في الجامعات والكليات العلمية الأوروبية, فالنبي والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم جاء حاملاً للهدي والتغيير في شتى مناحي الحياة واستطاع أن يدفع بأصحابه إلى تشييد أعظم حضارة إنسانية عرفها التاريخ ولا ننسى أن عبدالله بن عباس رضي الله عنه كان أول من اكتشف كروية الأرض.
فلا نملك في مثل هذه الأيام وفي غيرها إلا أن نعلن التزامنا بالدين الإسلامي الحنيف عقيدة وشريعة ومنهاج حياة ونكثر من الصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين محمد بن عبدالله الصادق الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم وأن نجعله محط التأسي والاقتداء, ولنعمل بما جاء في الهدي الإسلامي ـ القرآن والسنة النبوية المطهرة ـ من أجل أن نحقق العدل والمساواة ونسعد الإنسانية, ونستعيد الأراضي العربية والإسلامية في فلسطين المحتلة ونقضي على اليهود والصهاينة الملعونيين وإلى لقاء يتجدد بكم والله المستعان على ما يصفون.