إسكندر المريسي
ما يثير الدهشة والاستغراب وما لا يقبله العقل ولا يصدقه المنطق ما تناقلته المواقع الإخبارية بشأن المضايقات التي تعرض لها الفنان الكبير أيوب طارش عبسي وما ترتب عليها من تهديدات أسفرت عن اقتحام منزله والسطو عليه وأخذ سيارة نجله ومنع عائلته من الدخول والخروج ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، سابقة خطيرة لا تمس لأغنية الحقيقة التي تجسدت من خلال كلمات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان لجهة الشأن الوطني تحديداً ولجهة الشأن اليمني والعربي خصوصاً بقدر ما يمس ذلك العمل الأرعن اليمن كحقيقة في الواقع ماضياً وحاضراً ومستقبلاً . فلا يوجد أي سبب للتصرف الخاطئ إلا أن الفنان أيوب طارش بعيداً عن الصراعات سواء التي تشهدها تعز أو اليمن عموماً ولا علاقة له بتلك الصراعات لا من قريب أو بعيد لأنه لم ينشد لها ولا تضمنتها كلمات الفضول إلا من باب الإدانة والزجر والاستنكار ( واحذروا أن تشهد الأيام في صفكم تحت السماوات انقساما ) . فلماذا لا يكون بعض المنعوتين باسم المقاومة التي هي تغطية لما تشهده اليمن من حالة فوضى قد طلبوا من الفنان أيوب بعدما قدموا له قصيدة أقرب ما تكون للزامل وليس للشعر وطلبوا منه أن يقوم بتلحينها وعلى أساس أن يغني بها وتعتبر بديلة للنشيد الوطني تتضمن الأعمال التخريبية التي تنفذها ما يسمى بالمقاومة والمضاد لها في المماثلة بالنظر إلى واقع الصراع الجاري ، ولماذا لا يكون أيوب قد استاء من ذلك الطلب لأن طبيعته كفنان يحظى بإعجاب وشعبيته كبيرة داخل الوطن وخارجه لا يغني لمن يطلب منه على اعتبار أن النشيد الوطني له وغيره من الأناشيد الوطنية شكلت محل إجماع لجهة ورفع مستوى التضامن والتوحد وتعزيز الوحدة الوطنية بالنظر إلى حجم اليمن الكبير شمالاً وجنوباً . أغنية أدانت التجزئة وزجرت الانفصال واستنكرت الاقتتال وسعت إلى النأي باليمن عن الصراع بكافة أشكاله المختلفة فلو كان أيوب قد قبل بذلك الطلب لنسف كل تاريخه فيما قاله لجهة القضايا العامة التي لا تكرس الصراعات ولا تثير الأحقاد ولا الضغائن نحو دعوة كل اليمنيين إلى تناسي خلافاتهم السياسية من أجل بناء وطن يحمي ولا يهدد يصون ولا يبدد ويضم كل أبنائه حتى يكون ذلك الوطن في مأمن من الصراعات . فلو كان الفنان أيوب نفذ ذلك المطلب الخاطئ لطلب منه الطرف الآخر كذلك أن يغني للصراع مما يعزز من حالة الانقسام وبالتالي ما أقدم عليه البعض إزاء فنان اليمن الكبير أيوب طارش عدواناً واضحاً على النشيد الوطني تحديداً وعلى الملايين المعجبين بذلك الفنان، وليس ذلك فحسب ولكن ما حدث يجب أن يكون موضوعاً للإدانة والاستنكار لأن فيه ظلماً للبلاد والعباد وليس ظلماً واضحاً لأيوب ومكافأة غير موفقة من الذين يسعون لزراعة الفتن بين اليمنيين ونشر الأحقاد والضغائن كأنهم أرادوا بذلك أن يستنكروا إدانة أغنية أيوب للتدخلات الخارجية بكافة أشكالها وأنواعها والصراعات المحلية التي تنخر في جسد اليمن الواحد .