مساحة خضراء.. نشَّنت يا فالح .. دمعة على حسن الكشري
نشَّنت يا فالح, أقولها على الطريقة المصرية, تعقيباً على الزميل العزيز الأستاذ عبدالرحمن بجاش, الصحفي الطيب الجميل خلقاً وخُلقاً, الذي وجَّه لي الدعوة للكتابة عن زميلنا الراحل إلى خالقه المرحوم حسن الكشري.
حسن الكشري (يا بو فؤاد) عشرة عمر, فكيف يمكن للعبد الفقير أن يرثيه ويكتب عنه, في وقت شديد الكآبة وعصر بشع ترفض الكلمة أن تكتب ويأبى القلم أن يكتبها, وعندما قلت : نشَّنت يا فالح فالقصد يحمل معنى واضحاً, أنت حملتني ما لا أطيق, وبس هكذا, ولا تطلب منّي توضيحاً.
عندما قرأت دعوتك في عمودك كنت هارباً من ظروفي إلى القراءة, كنت قد شرعت بقراءة مقالة عن الفنان التشكيلي الإسباني العالمي بابلر بيكاسو في باريس, إن النازيين خلال احتلالهم لباريس كانوا ينعتون فن بيكاسو بالانحطاط, لكن الجستابو بكل ما عرف عنه من عنف لم يتجاسر على المساس به, رغم علمهم أو معرفتهم أنه صاحب لوحة جرينكا, وكانوا كما تعلم حلفاء الجنرال فرانكو,وكانوا هم من دكوا بطائراتهم قرية جرينكا المسالمة في زيارة لبابلو بيكاسر في مرسمه من قبل أوتو أبتر, مندوب هتلر في باريس, وقعت عيناه على لوحة جرينكا, فسأله : أهو أنت إذاً صانع هذه اللوحة يا سيد بيكاسو؟ فأجاب الشاعر : كلا أنتم الذين صنعتموها, وأنت افهمها لأن المعنى في بطن الشاعر.
نعود لعمّنا حسن الكشري, وأحاول مجرد محاولة ببساطة كبساطة حسن الكشري – رحمه الله رحمة الأبرار – كان طيباً مثلما كان حريصاً على عمله, وعلى التعامل مع كل الموظفين, الرجل كان بسيطاً, كانت علاقاته مع كل الناس طيبة, كان معي سمناً على عسل, يسألني دون تكلف : كيفك يا فؤاد؟ أرد عليه : زهقان يا عم حسن, فيرد : خلّيها على الله, ابرد لك من الطنّان, ما معانا إلا الله, تعرف يا عبدالرحمن, الراحل كان يكنّ لك مودة خاصة, كما كان يقدر ياسين المسعودي, رحمه الله كان يحرص على إدارة المؤسسة ويرفض نقل شيء خارج المؤسسة إلا بتوجيه.
الرجل – رحمة الله عليه – كان نسمة في المؤسسة والصحيفة, تعرفه أنت أكثر منّي على اعتبار الأقدمية في الصحيفة.
الفاتحة على روح حسن الكشري.