انسحاب أحد ابرز مؤسسيها

 

> الخلافات تعصف بحركة النهضة في تونس

تونس/ وكالات
أعلن عبدالفتاح مورو القيادي التاريخي لحركة النهضة وأحد أبرز مؤسسيها أنه يعتزم الانسحاب من الحركة، معتبرا ان “الوقت قد حان للانسحاب كقيادي من النهضة”، ما بدا مؤشرا قويا على أن الخلافات الداخلية التي تعصف بها منذ أشهر في إطار “تكتم شديد” قادتها إلى الوقوف على مشارف تفكك بنائها التنظيمي والسياسي.
وقال مورور الذي يقود جناح الحمائم داخل حركة النهضة إنه “حان الوقت للانسحاب كقيادي من النهضة”.
ويبدو أن إعلان مورو اعتزامه الانسحاب من النهضة صدم الغنوشي حيث سارع إلى التصريح أن انسحاب عبدالفتاح مورو من منصبه القيادي في الحركة وابتعاده عن السياسة هي مسألة “تحتاج مزيد من التأمل والتفكير”.
وأضاف الغنوشي امس الاول لإذاعة جوهرة أف آم المحلية إنه “من الممكن” أن يكون مورو قد قصد من خلال تصريحه أنه “لن ينافس مستقبلا على أي منصب سياسي”.
ويؤشر قرار مورو الذي كثيرا ما دعا الحركة إلى إجراء مراجعات عقائدية وسياسية وإلى الانفتاح على المشهد السياسي المتعدد فكريا وسياسيا، الى ان حالة تململ قياداتها وكوادرها وقواعدها منذ خسارتها في انتخابات خريف 2014م أخذا نسقا تصاعديا على المستويين التنظيم والسياسي قد يقود إلى تفكك الحركة التي كثيرا ما تباهت بتماسك بنائها التنظيمي.
ودعا مورو النهضة إلى تجديد هياكلها القيادية بنسبة 30 % خلال مؤتمرها القادم المزمع في بداية العام 2016م باتجاه النأي بنفسها عن “سطوة” القيادات التقليدية على مواقع صنع القرار ضمن تنظيمها.
ويستبطن إعلان مورو عزمه الانسحاب من النهضة نوعا من الانتفاضة داخل جناح الحمائم في الحركة ، الذي يطالب بأن تكون النهضة أكثر انفتاحا على القوى السياسية العلمانية، في حين يتمسك صقورها بـ”الثوابت” العقائدية والفكرية للحركة.
وترجع دوائر مقربة من النهضة عزم مورو الانسحاب من الحركة إلى خلافه فكريا وسياسيا مع عدد من القيادات وفي مقدمتها راشد الغنوشي، يتعلق أساسا بمراجعات جذرية وعميقة تكون كفيلة بتحرير نشاطها السياسي المدني من سطوة مرجعيتها العقائدية باتجاه حزب سياسي مدني يتخذ من الدستور المدني الصادر في يناير 2014م مرجعيته الوحيدة.
ولم يتردد مورو الذي يتبنى فكرا سياسيا منفتحا وتربطه علاقات وثيقة مع القوى السياسية والمدنية العلمانية في توجيه انتقادات لاذعة للغنوشي سواء في كيفية إدارته للحركة أو بشأن انفتاحها أكثر على الخارطة الحزبية.
ويرى مورو أن الغنوشي بات محاصرا من قبل شباب متشدد في إشارة إلى استحواذ جناح الصقور على مؤسسات النهضة ومواقع صنع قرارها السياسي وفي مقدمتها مجلس الشورى الذي يحتكر صنع مختلف قرارات الحركة.
ويقول سياسيون إن “انتفاضة” عدد من قيادات النهضة وكوادرها وقواعدها الانتخابية التي اشتعلت في أعقاب انتخابات خريف 2014م التي فاز فيها حزب نداء تونس العلماني على حساب الحركة، قادت بالنهضة إلى تفجر تنظيمها إلى ثلاث تيارات تشقها خلافات حادة.
حيث يقود التيار الأول راشد الغنوشي وهو تيار يرتهن إلى فكر الإسلام السياسي ويسعى إلى تحقيق معادلة صعبة تتمثل في التمسك بالمرجعية العقائدية للحركة من جهة، والسعي من جهة أخرى إلى نوع من التقارب الحذر والممنهج مع العلمانيين.
ويقود مورو التيار الثاني، وهو تيار يتمسك بضرورة فصل الخلفية العقائدية للحركة عن نشاطها السياسي وذلك من خلال نقلة نوعية من شأنها أن تجعلها حزبا سياسيا مدنيا بعيدا عن ارتهانه للمرجعية العقائدية.
أما التيار الثالث فهو تيار سلفي تقوده قيادات تاريخية مثل الصادق شورو والحبيب اللوز وهو تيار يرفض إجراء أية مراجعة للخلفية العقائدية ويرى في دستور يناير 2014م دستورا علمانيا ويرفض أيضا أي شكل من أشكال التقارب مع القوى السياسية والمدنية العلمانية.
ويعود تفجر علاقة عبدالفتاح مورو مع التيار الذي يقوده الغنوشي والتيار السلفي الذي يقوده كل من الصادق شورو والحبيب اللوز إلى سبتمبر من العام 2013م أي خلال فترة حكم الترويكا بقياد النهضة، حين كشف في تصريحات صحفية أنه “يتعرض إلى عملية تقزيم”.
وأخذ خلاف مورو مع الغنوشي المتمكن سياسيا وعقائديا في تنظيم الحركة نسقا تصاعديا بعد أن تأكد من أنه يتعرض إلى عملية تهميش ممنهجة تهدف إلى استبعاده من مواقع صنع القرار من قبل من وصفهم بـ”شباب من المتشددين”.
ويقول مرور: إن النهضة رتبت خياراتها بشأن التعاطي مع المشهد السياسي للبلاد دون أن تتم استشارته رغم أنه يتولى نائب رئيس الحركة وأنها ارتأت “أني لست نافعا في هذه المرحلة وأنها في غير حاجة إلى خدماتي”.
ولا يستبعد سياسيون أن يقود انسحاب عبد الفتاح مورو من قيادة النهضة إلى بداية تفجر أزمة داخلية قد تفضي إلى تشظيها وإلى تفكيك بناءها التنظيمي والسياسي، خاصة وأن قرار مورو بالانسحاب يأتي في وقت ارتفع فيه منسوب خلافات حادة تشق عدد من قياداتها وكوادرها وقواعدها التي تحملها مسؤولية فشلها في الانتخابات الماضية وتطالب بإشراكها في صناعة القرار.

قد يعجبك ايضا