“العدوان” و”العنف الأسري يشوهان براءة المجتمع”!!

تحقيق – وائل شرحة
لم يكتف بالتعذيب الذي أنزله على أطفاله حتى تكسرت أجزاؤهم وأصبحوا شبه مشلولين وعاجزين عن الحركة.. وإنما باشر بخلط مادة البسباس مع مادة الأسمنت, وبقلب حجري, وضعهما في عيني طفله محمد, البالغ من العمر 12 عاما, لعدم رفعه عدداً من “البلك” إلى أعلى المنزل.
أنه أحد الآباء, المنزوعة رحمة وحنان وحب الأبوة من قلبه, أولئك الذين توحي أفعالهم لك بأنهم ليسوا بشرا كغيرهم, وتنافي ما قيل عنهم, تؤكد بأن أجسادهم لا تحمل قلبا رحيما.
قصة مأساوية ضحاياها ثلاثة أطفال ما تزال البراءة مرسومة على وجناتهم ومحياهم, تلقوا أشد أنواع التعذيب ممن اعتبرته الشريعة والقانون وكل من يعرفه أباً لهم ومصدراً لوجودهم.. في السطور التالية تفاصيل القضية.. نتابع..
في ظل الوضع الراهن الذي يمر به الوطن ويعيش ويتجرع مآسيه المجتمع اليمني.. ويأخذ منه الأطفال “براءة الحاضر” و” وعنوان وشباب المستقبل” الفئة التي يعول عليها بناء الوطن في الغد القريب ينالون جزءاً وافراً من المعاناة والمأساة ومشاهدة مناظر العنف الدموية وجرائم الإبادة التي يرتكبها العدوان في حق اليمنيين.
وفي وقتٍ يحتم على الأسرة اليمنية تخفيف الوضع النفسي على أطفالها وأبنائها الناتج عما يمطر به العدوان السعودي على الوطن.. يسارع البعض من أولياء تلك الأسر وبغباء موحش إلى تعذيب أطفاله المعذبين في الأصل في الواقع المرير.
شرطة العاصمة تمكنت قبل فترة من ضبط, والد قام بوضع مادتي “البسباس والأسمنت” في عيني أحد أبنائه البالغ من العمر 12 عاما, بعد أن أنزل به وبأخويه “بلال وحسن” ضربا مبرحا وبطريقة وحشية تسببت بكسر أجزائهم.
وأشارت شرطة العاصمة إلى أن شرطة منطقة آزال ضبطت الأب بعد أن تلقت عدة بلاغات وكذا مذكرة بضبط الأب, من الإدارة العامة لحماية الأسرة بوزارة الداخلية.. منوهاً بأن الوالد قام بخلط مادتي البسباس والأسمنت ووضعها بعين ابنه لعدم قيامه برفع “البلك” إلى سطح المنزل, وذلك كان قبل عدت أشهر, أما الابن الأكبر فقد مر على غيابه عن المنزل أكثر من عامين.
وأكدت شرطة العاصمة على أن رجال الشرطة بأمن منطقة آزال وبتوجيه وإشراف مدير عام أمن أمانة العاصمة السابق العميد عبدالرزاق المؤيد تم متابعة وضبط المتهم المذكور الذي ظل فارا ومتحديا ومهددا بقتل كل من يود الإفصاح عن موقعه أو ضبطه.. مشيرة إلى أنه تم مباشرة محاضر جمع الاستدلالات معه حيال التهم المنسوبة إليه ومن ثم تم إرساله مع ملف القضية إلى النيابة العامة لمواصلة سير الإجراءات القانونية تجاه المتهم المذكور.. داعية المجتمع إلى التعاون والوقف إلى جانب أفراد الأمن والشرطة في تحقيق الأمن والاستقرار ومساعدتهم على ضبط الجريمة قبل وأثناء وبعد وقوعها من خلال الإبلاغ.
الأطفال الذين لجأوا إلى الإدارة العامة لحماية الأسرة بوزارة الداخلية’ أكدوا على أن والدهم مارس بحقهم أشد أنواع التعذيب, فتارة كان ينزل بهم أشد أنواع دراجات الضرب, ومرة كان يقوم بسجنهم داخل المنزل, حتى وصل به الحال إلى سجن الطفل بلال صاحب السبع سنوات.
مدير التوجيه المعنوي والعلاقات العامة بأمن الأمانة سابقاً العقيد أحمد الأفقي- مدير إدارة التأهيل والتدريب بأمن العاصمة حالياً ـ أكد على أن الأب “الجاني” يشكل خطرا كبيرا على الأسرة والسلم الاجتماعي والمجتمع.. مطالباً النيابة باتخاذ أشد العقوبات القانونية في حقه حتى يكون عبرة لكل من يفكر بانتهاك حقوق الطفل.. مشدداً على ضرورة التكاتف المجتمعي لوضع حد لهذه المشكلة المأساوية في مجتمعنا اليمني.
مدير عام إدارة حماية الأسرة بوزارة الداخلية العميد سعاد القعطبي أكدت على أن الطفل محمد الذي وضع في عينيه مادتي “البسباس والأسمنت”, تم إرساله إلى مركز الأمومة والطفولة الآمنة ليتم رعايته ومعالجته..
وعن حالة الطفل الآخر “حسن” قالت العميد سعاد القعطبي: “انتقلنا إلى منزل الطفل ووجدناه عاجزا عن الحركة نظرا للكسور التي لحقت به نتيجة ما تعرض له من تعذيب وضرب, ونظرا لعدم وجود مراكز رعاية لضحايا العنف الأسري من الأطفال, قمت بأخذه معي إلى المنزل وتم علاجه ورعايته ومن ثم نقله إلى جوار أخيه بمركز الأمومة وذلك كان في الأسبوع الذي لجأ فيه الأطفال إلينا”.. مشيرة إلى أن أسباب ضرب حسن هو إخفاقه ورسوبه في إحدى المواد الدراسية.
الأخ الأكبر للضحايا يبلغ من العمر 21 عاما, بحسب العميد القعطبي, فقد فر من المنزل بسبب تجبر والده وما كان يمارسه في حقه من انتهاكات وتعذيب.. مشيرة إلى أن الابن الأكبر الذي قدم إليها أكد لها أنه هرب من والده بعد أن أطلق عليه النار محاولا قتله.
وأشارت العميد، سعاد القعطبي إلى أن الإدارة العامة لحماية الأسرة بوزارة الداخلية رصدت خلال العام الماضي 2014م ما يقارب 1577 طفلا مجنيا عليهم و1445 طفلا في خلاف مع القانون.
وأكدت العميدة سعاد القعطبي على أن هناك عوامل عديدة تدفع بالآباء إلى استخدام العنف ضد أطفالهم منها عوامل اقتصادية كالفقر والبطالة واجتماعية كالتفكك الأسري والصراعات بين الزوجين وزيادة عدد الأطفال في الأسرة, بالإضافة إلى إدمان الآباء على الكحول والمخدرات وكذا عصبية أو إصابة أحد الوالدين بحالة نفسية وغضب لا يمكنهم التحكم به, وكذلك جهل الوالدين في كيفية التعامل مع أطفالهم بطرق سليمة تقيهم من الانحراف والضياع.
هؤلاء الأولاد أمهاتهم مطلقات, ولديهن استعداد تام لتربية الأطفال وتبنيهم, لكنهن يخفن من أذى ووحشية وسطو والدهم.
ليسوا هؤلاء الثلاثة الأطفال وحدهم من تعرضوا للعنف الأسري, وإنما هناك الكثير والكثير من ملاك البراءة انتهكت كرامتهم وسحقت حقوقهم وضربت أجسادهم وتشوهت أجسامهم ونزفت دماؤهم الطاهرة, بدون أي ذنب, وبدون أي سبب يستدعي أن يلحق بهم كل ذلك.
رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة الأستاذ أحمد القرشي أكد على أن العنف الأسري ضد الأطفال متعدد منها: الضرب والإساءة والتعذيب والاستغلال والإهمال وسوء المعاملة من قبل الآباء والمعنيين بحماية الأطفال.. مشيراً إلى أن الثقافة المجتمعية تغذي هذا النوع من العنف كون المجتمع يتعامل مع الأطفال على أساس أنهم ملكية خاصة وكالة.. لافتاً إلى أن إفلات كل من أرتكب جريمة اعتداء على طفل تساعد وتشجع في انتشار ظاهرة انتهاك حقوق الأطفال.. مشدداً على ضرورة إعادة النظر في التشريعات الدستورية الخاصة بحماية الأطفال ووضع تشريعات وطنية جديدة تدارك الأخطاء الموجودة في التشريعات السابقة وتضمن إنزال عقوبة رادعة على كل من قام بالاعتداء على طفل.
وأكد على أن المنظمة قدمت العديد من المقترحات القانونية الخاصة بحماية الطفل لرئاسة الجمهورية والبرلمان.. مبدياً أمله في تفهم الحكومة للمقترحات التي قدموها كون الطفل الحلقة الأضعف بالمجتمع.. معتبراً القوانين الحالية لا تنسجم مع طبيعة الظروف الحالية ولا تستجيب لكثير من احتياجات حماية الطفل.. منوهاً بأن وجود قانون رادع وعقوبة كافية لكل من تلطخت يدله بالاعتداء على الأبرياء من الأطفال, سيحد من العنف ضد الأطفال.
وعن الحلول تحدت القرشي عن “وجود قوانين وأنظمة صارمة قادرة على حماية الأطفال, ورفع مستوى الوعي لدى المجتمع, , خفض معدلات الفقر والبطالة, التي تعتبر من أبرز الأسباب التي تدفع بأولياء الأمور إلى الاعتداء على أطفالهم, وما ينتج عنها من حالات نفسية صعبة, لا سيما حين يجد الأب نفسه عاجزاً عن أعاشت أبنائه”.
ودعا القرشي الحكومة ممثلة بالجهات ذات العلاقة ومنظمات المجتمع المدني بالتوحد والعمل بروح الفريق الواحد لوضع حدٍ لظاهرة العنف الأسري، كل من موقعه ومسئوليته.

قد يعجبك ايضا