تقرير / محمد علي
في تطور جديد للعلاقات الأردنية الإسرائيلية بعد التوقيع على مشروع ربط البحر الأحمر بالبحر الميت، أعلنت الحكومة الأردنية عن طرح عطاء تنفيذ المرحلة الأولى لتلقي عروض لتنفيذ المشروع من قبل مقاولي الشركات المحلية والدولية، وفق الدراسات الفنية والشروط التي وضعتها وزارة المياه والري الأردنية، ما يؤكد أنه أصبح حيز التنفيذ وهوما يطرح تساؤلات حول خطورته على الأمن القومي العربي والمصري.
ونشرت الحكومة الأردنية بعض التفاصيل في بيان لها قالت فيه: إن المشروع يأتي ضمن استراتيجية قطاع المياه والخطط التنفيذية المعدة لعام 2025م، والتي تهدف إلى زيادة التزويد المائي لتلبية احتياجات البلاد من المياه، في الوقت نفسه احتفى الكيان الصهوني بهذه الخطوة, معتبرًا أنها تمثل صفحة جديدة في التعاون مع الدول العربية، وقال وزير الداخلية الإسرئيلي سيلفان شالوم: لقد خطونا اليوم خطوة تاريخية أخرى من أجل إنقاذ البحر الميت، إن المناقصة الدولية المشتركة والتي سيُعلن عنها، هي إثبات على التعاون المشترك بين الكيان الصهيونى والأردن ورد على كل من شكك بالتنفيذ الفعلي لمشروع قناة المياه”، مؤكدًا أنه سيمول البنك الدولي والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية المشروع، موضحا أنه سيكون أكبر مشروع يقوم الكيان الصهيونى والأردن بتطويره معًا منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين:
ويرى مراقبون أن من شأن هذا المشروع أن يدع إسرائيل شوكة في ظهر الوطن العربي وخاصة مصر لتحقق بها المزيد من أطماعها السياسية ومكاسبها الاقتصادية, موهمة مملكة الأردن وفلسطين: أن ذلك المشروع سيعود عليهما بالخير الوفير على عدة مستويات، وهو الأمر الغريب، خصوصا أن نيات الإسرائيليين في المنطقة معروفة، ولا شك ما يحدث في فلسطين شاهد على ذلك.
وسلطت دراسة تحت عنوان (قناة البحرين الإسرائيلية.. الخطر المقبل على مصر) قام بها الدكتور جمال يوسف عبدالحميد أستاذ العلوم السياسية، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، الخطر الناتج عن هذا المشروع والذي اعتبره ناقوس خطر يدق على الأبواب المصرية، خاصة أنه قد يؤثر على قناة السويس.
وفي البداية أكدت الدراسة أن الاتفاق الثلاثي الموقع بين إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية، والذي حدث فجأة دون إنذار مسبق، كشف أننا أمام مخطط متكامل تقوم إسرائيل بالتحرك من خلاله، وليس مجرد مشروع هنا أو قناة هناك، إنه الشرق الأوسط الإسرائيلي الذي تسعى للوصول إليه قبل إتمام التسوية على مسارات الصراع بأكمله، والذي لن يكون على المسار الفلسطيني فقط، خصوصا أن الإدارة الأمريكية الراهنة تُسَوِق الآن لفكرة السلام الاقتصادي بين إسرائيل وجيرانها فيحال فشل السلام السياسى.
وأوضحت الدراسة أن مثل تلك المشاريع التى تخطط لها إسرائيل وتأتي ضمن إستراتيجيتها تهدف إلى إنشاء شرق أوسط جديد، لينتقل مركز الثقل الرئيسي بالشرق الأوسط الجديد إلى إسرائيل، أما الدول العربية أياً كان وزنها فستصبح هامشية في هذا التكوين الجديد، وتقوم فكرة المشروع الأمريكي – الإسرائيلي على نقل مراكز القوة الاقتصادية من الدول العربية إلى إسرائيل، وأن المميزات الاقتصادية النسبية التي تتمتع بها الدول العربية سوف تقل أهميتها باكتمال مراحل هذا المشروع الجديد.
وترى إسرائيل أن بديل قناة السويس المصرية يعد من أهم المشروعات الخمسة في هذا المخطط، حيث ترى إسرائيل أن مصر دولة غير مأمونة الجانب وأن معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية عرضة للإلغاء أو التجميد في أي وقت، كما تشير المعلومات إلى أن المشروع الأمريكي – الإسرائيلي في إحدى أوراقه المهمة، يؤكد فكرة الاستثمار الإستراتيجى في الشرق الأوسط والذي يعنى حزمة من المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشرف عليها الولايات المتحدة أو إسرائيل أو الاثنتان معاً، وأن جميع المشروعات الإسرائيلية المتعلقة بقناة السويس سواء في خط أنابيب بترول إيلات – عسقلان أو السكك الحديدية إيلات – أشدود سوف تدخل في نطاق هذه المشروعات الاستثمارية.
ويؤكد فريق من المتخصصين أن إثارة مسألة زوال البحر الميت واختفائه مبالغ فيها إلى حد كبير، وأنها مجرد حجة تستخدمها إسرائيل لتمرير المشروع ولإثارة التعاطف العالمي والإقليمي معه ولإلباسه ثوب المشاريع الإنسانية التي تحافظ على البيئة، وقد استند العلماء إلى مجموعة من الدراسات العلمية التي تناولت منسوب البحر الميت ومستقبله على المدى القصير، والمدى الطويل، فالدراسات التي نظرت إلى المشكلة في المدى القصير، انحصرت بتوقع المنسوب الذي يمكن أن تصل له مياه البحر الميت خلال مدة زمنية محددة لا تزيد بالأغلب عن مائة سنة، واتفقت هذه الدراسات على أن منسوب المياه سينخفض، وقدر أكثرها تشاؤماً المنسوب الجديد بـ 510 م (تحت مستوى سطح البحر)، بحلول عام 2109م.
والدراسات التي نظرت إلى المشكلة على المدى الطويل فإنها استهدفت الإجابة عن السؤال المُلِحّ “هل سيجف البحر الميت؟”، أو تقدير المنسوب الذي سيستقر عليه البحر، إن كانت الإجابة بالنفي..ولعل الأخطار السياسية والإستراتيجية للمشروع كثيرة على الوطن العربي ومن أبرزها، إظهار إسرائيل أمام العالم بصورة المتعاون مع الدول المحيطة بها، والساعية لإشاعة السلام والرفاهية في المنطقة، ومن جهة أخرى ستظهر في ثوب المٌدافع عن البيئة، كما أنها ستخلقاً واقعاً ديموغرافياً جديداً في منطقة النقب، عبر استيعاب المزيد من المهاجرين اليهود الذين ستتوفر لهم فرص ممتازة لإقامة تجمعات سكنية وللحصول على فرص للعمل بعد أن توفر مشاريع تحلية المياه وتوليد الطاقة لإسرائيل المتطلبات الأساسية لخلق هذه التجمعات، فضلًا عن إقامة إسرائيل لمزيد من المفاعلات النووية سيمكنها من تضخيم قوتها العسكرية وتطويرها، وهو ما سيهدد أمن المنطقة وبخاصة أن إسرائيل ترفض التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ولا تسمح للمنظمات الدولية بالتفتيش على مفاعلاتها النووية.
Prev Post
قد يعجبك ايضا