ن …….والقلم …العم حسن ..أو العميد
انتمي روحا إلى البسطاء من الناس , الأنقياء , وأولئك الذين قلوبهم على ألسنتهم , صاحبي ينتمي إلى ذلك الوسط الذي يُطحن هذه الأيام , ويلوذ بالصبر رغما عن الألم , ولان النقاء عنوان , والطيبة سلوك , والإنسان يسكن أعماق الإنسان , أجد لزاما علي أن أبحث عن لغة أخرى , أسلوب آخر , طريقة جديدة تنتمي إلى العمق من الحرف والكلمة , لا أريد هنا أن أكون معقدا , بل لا بد من لغة وأسلوب وطريق كل منهما ينتمي إلى الاستثناء , وأنا اعتبر كل البسطاء ملح الأرض استثناء , ولابد للسانك وقلمك والأمر كذلك أن يتعطرا بالكتابة عنهم . لا أدري من أين هو العم حسن , ولا أريد أن ادري , وأجمل ما في زمن مر علينا أيام النقاء إننا كنا لا نسأل بعضنا من أين أنت ؟ إلا إذا كان للأمر ضرورة ما.. إدارية أو قانونية , للأسف وصلنا إلى ما لا نريد حيث أصبح السؤال من أين أنت ؟ يحدد الوجهة !!! . ذات مساء اضطر حسن الكشري أو عميد مراسلي هذه الصحيفة للتغيب , فاضطربت الطرق ببعضها , وتصادمت الأرجل صعودا وهبوطا ذهابا بالمواد إتيان بها , كل خطوط المواصلات تلخبطت , اليوم التالي كان لنا اجتماع لهيئة التحرير لمناقشة أمر ما , استدعيت حسن الكشري وأنا مدير للتحرير, قلت إننا فريق واحد , قل إننا سلسله مترابطة , فحين يغيب أي منا تنفرط الحبات , قال حسن : يا أستاذ أنا إلا مراسل , قلت لا : كل منا رئيس ومدير تحرير في مكانه , فحين غاب العم حسن تعطلت كل خطوط الإمداد , وحين كتبت ذات عمود ووصفته بـ (( عميد المراسلين )) جاء إلي يبوسني في رأسي , ومن لحظتها أحسست أن له أهمية قصوى وكانت كذلك . الآن المح من على البعد دموع الحزن في عيني كل زميل على فقدان حسن الكشري عميد صحيفة الثورة ..وأنا آخرهم . كلنا ومن لحظة أن انتقلنا إلى المبنى الجديد كنا لسان واحد حين يخاطب الكشري فبـ (( يا عم حسن )) وكان هو يحنو علينا كأبنائه . حسن الكشري كان رحمه الله قوي الشخصية , بل قل صاحب شخصية مسيطرة ومزواج , كنت أتخيله في بعض اللحظات وقد تناهى إلى سمعي انه تزوج من جديد أن (( زوربا اليوناني )) بيننا , بل كان فؤاد عبد القادر أجمل الفوضويين يتخيله دائما كذلك , ولفؤاد قلم سيال أتمنى أن يكرم به حسن الكشري , والكشري كان مديرا للبوفية في مبنى الإدارة العامة للمؤسسة , هناك عرفته بعد فترة قصيرة من الانقطاع عن الصحيفة , ظللت طوال الوقت أراقب همته وتفانيه في العمل , وحنوه على مؤسسة الثورة وفي المقدمة منها الكتيبة الأمامية (( الثورة )) الصحيفة . يذهب الزمن البطل حبة حبة بفقداننا زملاءنا من وزن الكشري , نحن فقدنا أبا لم نحس لحظة ببعده عنا , كان قريبا ويحن علينا , يمرض لمرضنا , ويبتسم بطريقته إذا حقق أي منا قفزة إلى الأمام , أنا شخصيا دعمني بعبارته الدائمة (( الله يعينك يا أستاذ )) , التي كانت تزودني بالأمل رغم الألم , بل رغم الوجع الذي ضرب إلى العظم . كان يكفيني ظهوره فجأة من زاوية الباب يرمي بها في مكتبي ويذهب , وأنا تنفتح أمامي رحابة الدنيا . رحمك الله يا عم حسن نحن جميعا كتيبة الأمل والألم خسرناك من عند الذي سيخرج هذه المادة بحب من أجلك وإلى عند العم طه عبدالصمد . أنا أبكيك .