اليمن الشرفاء يموتون في صمت
أحمد الحباسي
ما يحدث في اليمن مجزرة مكتملة الأركان والأهداف ، ما يحدث في اليمن جريمة سعودية إماراتية مصرية سودانية ترقى إلى مرتبة الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب ، ما يحدث في اليمن ليس خلافاً سياسياً بين دولتين أو بعض المناوشات المتباعدة على الحدود ، ما يحدث هي حرب دموية معلنة من جانب واحد ضد شعب مؤمن بقضيته وبضرورة الدفاع عنها حتى الموت ، وبهذا المعنى فاليمنيون الشرفاء قد قبلوا التضحية بأنفسهم على رفع الرايات البيضاء للعدو الصهيوني السعودي في حين يبذل نظام المافيا من آل سعود كل جهوده “القتالية” لإفناء شعب بكامله يحمل في ذاته تاريخا من آلاف السنين، عملية القتل السعودية تتم بدم بارد وبصواريخ أمريكية ” ساخنة ” والطيارون الصهاينة من مصر والسعودية وبقية دول “التحالف” لايكترثون بعدد الشهداء ولا بعدد الصواريخ الملقاة ولا بكم الدمارالذي يصيب البنية التحتية اليمنية المتآكلة أصلاً ، لكن الشعب اليمنى لن يركع .
كنا و ما زلنا نتمنى أن يسرد لنا العميد أحمد عسيري (الناطق الرسمي باسم تحالف الصهاينة الخليجيين) الانجازات التي تحققت في اليمن ولا نعرفها ، اللهم إلا إذا كان حصار و قصف و تجويع 25 مليون يمنى لأكثر من 8 أشهر يعتبر انجازاً ” … هذا هو التساؤل المؤلم القادم على لسان الكاتب الفلسطيني عبد الباري عطوان منذ أيام قليلة ، لكن من الواضح أن الكاتب لا يفهم العقلية السعودية وطبيعة المهام القذرة الموكلة للتنفيذ على يد نظام المافيا السعودي ، فتجويع وقتل وتهجير 25 مليون يمني هو انجاز يحسب للنظام ، وقتل وتهجير وتجويع أكثر من 30 مليون سوري هو انجاز يحسب للنظام السعودي واستهداف 60 مليون عراقي يوميا بالتفجيرات هو انجاز يحسب للعائلة الفاسدة ، يحسب للنظام أيضاً وقوفه إلى جانب إسرائيل طيلة 33 يوماً صيف 2006 دمرت فيها البنية التحتية اللبنانية التي انتشل اللبنانيون من تحتها الآلاف من الضحايا، من انجازات النظام المشاركة الفاعلة في قتل وتعذيب المعارضة البحرينية و بالطبع قتل الآلاف في السجون السعودية وتعذيبهم لمجرد نطقهم بالحروف الأولى من كلمتي الحرية والديمقراطية .
من ” انجازات” النظام السعودي ، هذه الحملة الإعلامية الكاذبة التي تحاول بكل الطرق القذرة تغطية عورات الحملة العسكرية على اليمن و تلميع صورة النظام بالادعاء بوجود تقدم على الأرض وبتحقيق انجازات ستعيد اليمن إلى “مدرسة الشرعية” التي يقودها المجرم العميل عبد ربه منصور ، لكن الوكالات الإعلامية العالمية تؤكد أن ما تبثه قنوات الدعارة الإعلامية السعودية هو محض خيال ومجرد أماني لا أثر لها على أرض الواقع استنادا إلى أن القصف الجوى مهما بلغ حجمه من همجية ودمار لا يمكنه تحقيق الانتصارات ، تؤكد الوكالات أيضا أن إدعاء الناطق الرسمي باسم جيش التحالف أحمد عسيري بوجود سيطرة على 70 بالمائة من الأراضي اليمنية هو مجرد حلم يسوقه من باب التغرير والحرب النفسية ، طبعا الشيء الوحيد الذي تتجنبه وسائل إعلام العدو السعودي هي الحقيقة المرعبة المتمثلة في رعاية النظام ومساندته اللا محدودة لتنظيم القاعدة حتى يواجه الثورة اليمنية، مساندة لم تعد خافية على أحد كما تقول صحيفة “بلومبرغ ” الأمريكية ذائعة الصيت .
يقول السيد عبدالباري عطوان إن بنك الأهداف في اليمن قد نفذ، فاليمن لا يملك من الأصل أهدافا كثيرة تستحق الاستهداف، ، والعدو السعودي دخل اليوم نفقا مظلما لن يخرج منه بسهولة وبسلام كما يظن، فهناك حالة يمنية غير مسبوقة من الكراهية تجاه النظام الفاسد والشعب الصامت، وهناك شعور يمنى بأن استمرار وجود هذا النظام الفاسد يمثل خطرا على الثورة اليمنية التي تريد القطع مع الهيمنة السعودية السابقة ، ولان الملك سلمان هو بيدق بين يد المؤسسة الدينية السعودية فمن الأكيد أن أفكار هذه المؤسسة ستواصل التأثير السلبي في السياسة السعودية القادمة وتبقى على مناطق التوتر بين الشعبين والبلدين خاصة وأن الاتهام السعودي الجاهز بوجود تواصل بين الثورة اليمنية والنظام الإيراني ستزيد من حالة العداء وستعمق الهوة بحيث يستحيل التعايش بين النظامين ، ليبقى السؤال المطروح بقوة، هل ستكون الحرب على اليمن بداية النهاية لنظام آل سعود وهل سيكون لهذا الفشل المعلن تداعيات مناسبة على الوضع في السعودية خاصة في ظل التفجيرات المتنقلة التي تتم بين الفينة و الأخرى لتطرح كثيراً من الأسئلة .
يقال إن الأزهر مؤسسة دعوية تدافع عن الحق وتقف إلى جانب المظلومين ، لقد تم هدم دور العبادة والكنائس و مزقت المصاحف و سحلت الأجساد وقطعت الأطراف دون أن يتحرك لسان الأزهر ، فهل كمم النظام المصرف أفواه الأزهر حتى لا تتظاهر ضد إحراق الشعب اليمنى وقتله ، وهل أن الدم اليمنى لا يستحق سخط الأزهر ، وماذا يهم الأزهر أن تكون ثورة في هذا البلد أو ذاك أو أن يكون نظام ديكتاتوري في هذا البلد أو ذاك والحال أن الأهم والمهم هو مصير الإنسان فكيف يصمت الأزهر على قتل الإنسان بداعي كراهيته لهذا النظام ، وعلى هذا الأساس فمن الواضح أن النخب الدينية العربية قد فشلت فشلا ذريعا في التعامل مع الأحداث العربية و بقى دورها منحصرا في الإفتاء المدمر والصمت المؤلم بما يدفع المتابعين للاعتقاد بأن الشعب اليمني قد ترك لحاله وما عليه إلا التمسك بثورته والعمل على الاستمرار في الصمود لحين دحر العدوان .
* نقلاً عن بانوراما الشرق الأوسط