تاريخ وطن وجرح في الزمن
أمة الملك الخاشب
* طبعا عبر التاريخ لم يحدث أن احتلت عدة دول وتحالفت على دولة واحدة ولم يحدث أن تقاسمت تلك الدول الكعكة ووزعت حصص ونصيب كل دولة ثم اختلفت على تقسيمها.. على رأي المثل الشعبي (ماشافوهم وهم بيسرقوا شافوهم وهم بيتضاربوا).
في بداية الأمر ظنوا أن الأمر هين وبسيط ولن يستغرق أكثر من أسابيع ظنا منهم أن كل الطير يؤكل لحمه.. وظنا منهم أن قوة الحديد والنار والسلاح الفتاك وكثرة العتاد والحشود واستئجار المرتزقة وتجييشهم بشكل كبير ومن مختلف أنحاء العالم.. ظنوا أن كل هذا سيساعدهم في سرعة تحقيق أهدافهم وفي كسر إرادة الشعب اليمني الذي أعلن يوم 21/سبتمبر نهاية وصاية السعودية عليه وانتفض ورفض كل التدخلات والإملاءات المفروضة من دول صديقة أو شقيقة..
وأعلن يومها أن علاقته مع كل الدول ستكون علاقة ندية واحترام ولن يقبل بوصاية أحد.. وفي نفس الوقت هو لن يتدخل في شئون أحد ولن يعتدي على أحد.. وسيحترم كل الأطراف الدولية
ولكن غرورهم وتكبرهم واستكبارهم وتعودهم على استعباد الآخرين وفرض إملاءاتهم عليهم..
كل ذلك سول لهم في نفوسهم المريضة وزين لهم خطة العدوان على مهد العروبة اليمن والانتقام من شعبنا اليمني الذي لم يعتدِ يوماً على أحد.. فتحالف المتحالفون واتفق الفرقاء والمختلفون.. وطعننا في ظهورنا إخوان لنا في العروبة والإسلام كنا نظنهم أول من سيقف إلى جانبنا.. وأول من سيرفض إراقة دماء اليمنيين..
كشف لنا هذا العدوان عن معادن الناس والأصدقاء والأشقاء من حولنا.. فهناك من الدول من نددت ورفضت.. فنشكر لها موقفها ووقفت إلى جانب مظلوميتنا في إعلامها وكشفت وفضحت جرائم النظام السعودي وحلفائه بحق اليمنيين وهناك دول رفضت نهائيا موضوع العدوان.. وهناك من صمت وفضل الحياد.. وهناك من كان له مواقف قوية لن ينساها التاريخ .. فسارع بطرد سفير مملكة الشر من أراضيه احتجاجا على قتل أطفال اليمن..
هناك أيضا من باع نفسه بثمن بخس.. وأعلن مشاركته .. في العدوان وأرسل جيشا من عنده ليضحي بهم ويستلم ثمن كل جندي بالريال السعودي.. مثلما فعل الغبي عمر البشير الذي لم يعمل حساباً للعلاقة الحميمة التي تربط بين الشعبين المسلمين اليمني والسوداني.. ولم يدرك أن الألفة والمودة والترابط بين هذين الشعبين لا يمكن نزعها، فسارع إخوتنا من السودانيين في اليمن بالخروج في وقفات احتجاجية.. رفضا لسياسة البشير التي ? تدل سوى على أنه استلم الثمن.. كما سارع حزب الأمة السوداني أيضا في التنديد بإقحام الجنود السودانيين في اليمن.. ولا ننسى أن إسرائيل قد اعتدت على السودان عدة مرات بالطائرات فلم نر من البشير سوى صمت غريب أمام ذلك العدوان إن لم يكن مباركة..
والأكثر مرارة وألما ووجعا وأشد وطأة من العدوان نفسه.. ومن مواقف المعتدين من خارج اليمن.. هو موقف مرتزقة اليمن وخونة اليمن.. وعملاء اليمن.. من أبناء اليمن الذين تنكروا لتراب وطنهم الغالي الذي عليه ترعرعوا حتى أصبحوا شيئا مذكورا.. والذي تحت سمائه استظلوا.. ومن هوائه النقي استنشقوا وكما وصف الشاعر بقوله وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع السهام المهند..
صحيح أنه لا تخلو حرب في العالم من مرتزقة وعملاء.. ولكن عملاء اليمن وخونته ضربوا الرقم القياسي.. في الانحطاط فلم يشهد التاريخ كله مثالاً لهم أبدا.. فلو سألوا سلمان نفسه أو ابنه محمد أو أي قائد دولة من دول التحالف على اليمن: ماذا لو كان هذا العدوان على بلدكم.. لأجابوا دون تردد.. لن نرضى بغزو أراضينا ولن نرضى بقتل أبناء بلدنا ولن نصفق للمعتدين على بلدنا مهما كانت المبررات والأسباب والذرائع.. ففطرة الإنسان السليمة مهما بلغت درجة إجرامه إلا أنها في الأخير لن ترضى بالعدوان على أراضيها وعلى أهلها وناسها.
هذا العدوان وحد كل طوائف وأحزاب وقبائل اليمن.. ونسي اليمنيون كل خلافاتهم السياسية والمذهبية فلم يعودوا يتذكروا سوى أنهم يمنيون وأن بلادهم تتعرض للعدوان.. وأن واجبهم الموحد هو الجهاد والدفاع عن أرضهم من المعتدين.