كثافة طلابية خانقة بالمدارس الحكومية والمعلمون يتذمرون

80 مدرسة أهلية أغلقت هذا العام

 سامية صالح

عام دراسي مضى يجر وراءه أذيال الأسى والحسرة على آمال أجهضت قبل ان تولد وطموحات وئدت في مهدها ..وقصص مؤلمة تنبش وجعا في الذاكرة…. وهاهو عام آخر  يفتح ابوابه… فماذا يخبئ لنا ..؟

لا يزال القلق والخوف من تأزم الأوضاع واشتعال فتيل الحرب من جديد واستهداف طائرات العدوان للمنازل والإحياء السكنية والمدارس يؤرق أولياء الأمور ومدراء المدارس ومسؤولي التربية قبلهم .. ولهذا السبب يحجم الكثير من تسجيل أبنائهم ترقبا لما قد يطرأ ويستجد والى اللحظة لا يزال الإقبال ضعيفا منذ بداية العام الدراسي الجديد..
القطاع الحكومي
غالبية عظمى من الموظفين في أحسن الأحوال سواء بالجهات الحكومية أو الأهلية فقدوا امتيازات وظيفية وتقلصت مواردهم المالية التي كانت تعينهم على العيش في مثل هذه الظروف فباتوا على بساط الفقر والفاقة مما دفعهم دون تردد إلى سحب أبنائهم من مدارسهم الأهلية وإلحاقهم بالقطاع الحكومي مما شكل ضغطا رهيبا في المدارس الحكومية التي تشتكي أصلا من الازدحام الطلابي وقلة عدد الفصول في ظل ندرة المدارس في الإحياء السكنية ,بالرغم من الكثافة السكانية التي تزداد يوما بعد آخر فبات عدد الملتحقين بهذه المدارس يفوق اضعافا مضاعفة الطاقة الاستيعابية لكل مدرسة …. مع العلم أن وضع هذه المدارس كما هو منذ عشرين عاما لم يتغير الاشيئا بسيطا  تبعا لمتطلبات الحياة المتجددة والازدياد السكاني.
هذا الضغط الهائل دفع مدراء المدارس إلى إغلاق باب التسجيل في الوقت الذي لا يزال الكثير من الطلاب يبحثون عن مدارس تقبل ملفاتهم حتى لودرسوا  في المنازل كي لا يضيع عليهم العام الدراسي .
ويطالب مدراء المدارس وزارة التربية والتعليم بإيجاد حلول سريعة لمواجهة هذه المشكلة ومحاولة إيقاف تدفق الطلاب على المدارس الحكومية والذي بالتأكيد في نهاية المطاف لن يكون في صالح الطالب والأستاذ ولن تؤتي العملية التعليمية ثمارها
ازدحام
يقول الأستاذ خالد جبران مدرس لمادة العلوم : كنت اشتكي العام الماضي من الكثافة الطلابية في الفصول التي ادرسها حيث كان الفصل الواحد يضم تسعين طالباً وفي نهاية كل حصة اشعر بعدم الرضا لأني لم أعط الدرس حقه بسبب ازدحام الطلاب وضجيجهم  فكان يجلس على كل طاولة خمسة طلاب والبقية يفترشون  الأرض ويجلسون في النوافذ , ولم يعد لدي أي متسع أو مجال للحركة سوى موضع قدمي لدرجة اني أصيح ويبح صوتي ليسمع آخر طالب
ويتساءل جبران : كيف سيكون الوضع هذا العام  ويجزم انه لن يستطيع أي معلم مهما بلغت خبرته من توصيل المعلومة بشكل جيد في هذا الجو الذي يفقده هدوءه ورباطة جأشه واتزانه  فالوقت يتبخر قبل أن يدخل في لب الدرس  وهو يحاول إسكات هذا وذاك ناهيك عن عدم قدرته على متابعة الواجبات , وترى المعلم وهو خارج من الصف كأنه خارج للتو من حلبة المصارعة يلاحق أنفاسه ومع هذه الأعداد الكبيرة من الطلاب تضيع كل سنوات الخبرة وكل ما تعلمتاه من مبادئ في ضبط الصف والإدارة الصفية ويتحدى جبران أي باحث تربوي أو موجه أن يتحمل ما نعانيه داخل الصف ولو لساعة واحدة
وضع  صعب
معلم آخر يحذر من الوضع الكارثي في المدارس الحكومية ويقول بالرغم من ان الانتظام في الدراسة لايزال ضعيفا إلا أن أعداد المسجلين الذين لا يزالون في بيوتهم اكبر بكثير ولو انتظم جميعهم  لسببوا أزمة كبيرة فالمعلم لا يملك قوى خارقة للسيطرة على هذه الإعداد  فهو أولا وأخيرا بشرا  لابد أن يدخل الفصل بنفسية هادئة ليبدع ويؤثر في الطلاب ويجذبهم إلى الدرس فهو أهم عنصر من عناصر العملية التعليمية والذي عليه يعول أخراج جيل قوي متسلح بالعلم والمعرفة فان لم يستطع ان يؤدي رسالته فالأولى أن تقف الوزارة موقف المسائلة مع نفسها فماذا عملت إزاء تحسين هذا الوضع ..؟ وهل كتب على المعلم أن يظل شمعة تحترق وتتلاشى لتضيئ للآخرين دون مراعاة لطاقته وقدرته على التحمل …!!
صراخ
يقول أ. ناصر حميد بصوت مبحوح  : أدرس في الصف الواحد ثمانون  طالبا ولم تجد معهم أي وسيلة تربوية وغير تروبية لإسكاتهم فالجأ للصراخ كي يهدأوا وبسبب ذلك أعاني منذ عامين من بحة في صوتي وشخص الطبيب حالتي أنها تمزق بالحبال الصوتية ونصحني أن انتقل إلى أي قسم أداري بالمدرسة أو ابحث لي عن أي عمل آخر كي لا افقد صوتي نهائيا
سحب كبير ومدارس أغلقت
على النقيض تماما … تقف المدارس الأهلية عاجزة أمام السحب الكبير للطلاب بسبب عجز أولياء الأمور عن الالتزام بدفع الأقساط الدراسية المتبقية من العام الماضي بالرغم من ان هذه المدارس خفضت الرسوم تماشيا وتقديرا للازمة المالية التي يمر بها الجميع في هذه الأوضاع الصعبة
ناهيك عن ضغط المؤجرين وتراكم الإيجارات مما دفع بأكثر من ثمانين مدرسة أهلية إلى إغلاق أبوابها هذا العام
انهيار مشاريع
ويتساءل مدراء هذه المدارس عن دور الوزارة  تجاه هذه المشكلة ولماذا تتجاهل قطاعا مهما كالتعليم الأهلي والذي يشكل بحد ذاته رافدا قويا يدعم اقتصاد البلاد ويساعد في التخفيف من البطالة الملقاة على عاتق الحكومة ويحد من الضغط على المدارس الحكومية ويقدم خدمة نوعية متميزة في التعليم…. والى متى ستغض الوزارة الطرف عن تسلطات المؤجرين وتضع حدا لجشعهم بالتعاون مع الجهات المعنية
فتعنت المؤجر وإصراره على استلام إيجاراته كاملة أو فسخ العقد مع مالك المدرسة  يقضي على مشاريع ناجحة منتجة لأجل مصلحة فردية تصب بنهاية المطاف لـ ( كرش المؤجر ) ولاتنبس الوزارة ببنت شفه وكأن الأمر يعني قطاعا ببلاد ألواق واق والمثير للاستغراب ان الوضع يختلف حيال استحقاقات الوزارة المالية على هذه المدارس ومندوبيها الذي امتهن أكثرهم  لا أقول كلهم مهنة ( السلبطة )  والرشوة والابتزاز تجاه مدراء هذه المدارس وخلعوا رداء الوقار والحياء .
تنصل
وحين يلجأ احد المدراء الغارق في وحل ديونه للمؤجر ويطلب العون من وزارة التربية لتنصفه وتقف معه ليستمر مشروعه الذي يفتح عشرات البيوت ويرفد الدولة بآلاف الريالات للضرائب والتأمينات والواجبات الزكوية والأشغال وللوزارة نفسها  ووو … وغيرها من الجهات التي ضيقت الخناق على المستثمر حتى صار مادي فعه من أموال لهذه الجهات تكفيرا عن ذنبه بفتح مشروع تروبي وصرح علمي في مكان وزمان لا تقدر فيها قيمة هذه الاستثمارات … فيتعلق هذا المدير بحسن الظن وبما علق من تلابيب الأمل في دواوين الوزارة وهو يعرض مظلمته على هذا المسئول وذاك ليقابل ببرود الاسكيمو قائلين له ( وإحنا ما نفعل لك .. تفاهم أنت وصاحب المبنى ..!!) فيبلع ريقه ويعود لمواجهة مصيره المعروف سلفا فإما ….. وإما ….. والقارئ اللبيب يستنتج ماذا سيكون مصير هذا المغلوب هذا أن لم يلقى في أقذر زنزانة ليجاور المجرمين والقتلة وأصحاب السوابق   حتى يسدد ما عليه …!ّ!

قد يعجبك ايضا