الدكتور المتوكل وموقف العمر

غسان حيدر

اروع موقف شكل نقطة تحول في حياتي وفي ذكرى استشهاده أتذكر ذلك اليوم قبل نحو عشرين عاما” عندما كنا طلابا” بكلية الإعلام في سنتها الأولى حيث المعاناة في ندرة المراجع الإعلامية والكتب المتخصصة حينها زفت لنا الأخت والزميلة العزيزة رضية المتوكل الطالبة معنا في نفس المستوى خبر استعداد الدكتور محمد عبدالملك المتوكل منحنا وبمبلغ رمزي أحد مؤلفاته عن – نشأة وتطور الصحافة في اليمن.
كانت الدفعة قد تجاوزت ال 300 طالب وطالبة وبالفعل تم توزيع الكتاب وسط ارتياح كبير واستغراب واسع خصوصاً” بأن الدكتور لم يكن استاذاً” بكلية الإعلام وإنما بكلية التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية ولذلك قررنا انا وصديقي العزيز جميل الدعيس أن نعبر له عن عظيم امتنانا وجزيل شكرنا على  تحمله الجزء الأكبر من قيمة طباعة الكتاب إحساساً” منه بمعاناتنا فكتبنا رسالة تتضمن ذلك وفكرنا برضية اولاً” لتحمل له الرسالة الخطية لكننا تراجعنا لعدة أسباب وارسلناها بالبريد لعنوان عمله ( عناية الدكتور الفاضل محمد عبدالملك المتوكل – جامعة صنعاء كلية التجارة والاقتصاد ) .
مر أسبوع وفي صباح أحد أيام الدراسة وسط الكلية و إذا برضية تنادينا انا وجميل وتقول الوالد يبلغكما السلام وبعث لكما بهذه الرسالة .. نظرت إلى جميل وبدت على ملامحنا الاستغراب وأخذنا الظرف مسرعين لقراءة فحوى الرسالة ولا أخفيكم بأننا لم نكن نتوقع أي رد بل لم نكن ننتظره اصلا” فهدفنا كان شكر من شعر بمعاناة البحث عن المراجع .. وبعد أن أنزوينا انا وصديقي تحت ظل شجرة فتحنا الظرف وبدأنا بقراءة الرسالة اقتطف منها ما ارتسم في الذاكرة بعد بسم الله الرحمن الرحيم
العزيزان غسان وجميل:
تلقيت رسالتكما ببالغ السعادة وهذا واجبنا وبالمناسبة انا معجب بكما فأنتما تمتلكان موهبة في الكتابة وقدرة قي الصياغة وعليكما صقلها أكثر بالقراءة والإطلاع والله يعينكما على الوعد الذي وعدتماني بأن تكونا أوفياء لاقلامكما في خدمة الوطن. .
والدكما:
محمد عبد الملك المتوكل.
لحظة صمت بعد قراءة الرسالة و لحظة ذهول.. فطالبان في السنة الأولى يتلقيان رسالة مديح و اعجاب من استاذ في الصحافة والسياسة بمجرد أن عبرا له عن شكرهما تجاه موقف معين ، لم يكن الأمر بالنسبة لنا بسيطا” فحالة من الزهو والفخر والاعتزاز الممزوج بالثقة سيطرت علينا وكانت دافعاً كبيراً لتحقيق الذات في هذا المجال.
انا ممتن جدا” لهذا الرجل العظيم و الأستاذ الفذ والهامة العلمية و الإنسان قبل كل شيء لموقفة النبيل الذي شكل في حياتي نقطة تحول نحو مسار تحقيق الذات.
الفاتحة على روحة الطاهرة.

قد يعجبك ايضا