الإنسانية تزدهر بالمتناقضات
عبدالله بجاش
الإنسانية لها ثقلها ووزنها في حياتنا اليومية وخصوصاً في هذا الظرف العصيب الناجم عن الحصار والعدوان السعودي الهستيري على بلادنا لكنها وللأسف تزدهر بالمتناقضات ولا أكون متشائما عندما أقول إن الإنسانية السامية أصبحت نادرة الوجود في هذه المرحلة لأن عدد الأشرار يفوق الخيرين ، والحاقدون أكثر من الطيبين ، ناهيك عن بشر يكرهون أنفسهم ولا يعرفون للإنسانية طريقا إلى قلوبهم تجاه الآخرين ، وإنما محبون للكراهية ، نراهم في كل مكان وغالبا ما نقابلهم لكننا لا نعرفهم ولا يعرفونا ، لأن علامات السخط تسيطر على ملامح وجوههم التي تنطق بالكراهية لكل من حولهم ، حتى وإن لم تنطقها ألسنتهم ..عليهم غضب الله كما يعبر عنهم بسطاء الناس.
وعلى الجانب الآخر نرى وجوها مؤمنة ومشرقة وبشوشة راقية وودودة وملامح الطيبة تعلن عن معدنهم ، وإيقاع تفردهم بالإنسانية والعاطفة التي منحها الله لهم ليستشعروا بآلام من حولهم وتجد أيديهم البيضاء ممدودة للتعاون والمساعدة بدافع إنساني دون اللجوء إليهم بعد أن أصبح معظم الناس غير طيبين .. فماذا حدث للناس؟.. وما الذي يدفعهم إلى اعتناق الكراهية للآخرين؟.. هل هو التكالب على المادة في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية العصيبة ؟ .. أم قلة في الإيمان ونقص في الوازع الديني أم تجاهل لآيات قرآنية عديدة حسمت ذلك لقوله تعالى : ( ورزقكم في السماء وما توعدون ) ، سواء كان ذلك الرزق مالا أو سترا أو حبا من الناس أو ذرية صالحة .. وكلها أرزاق متنوعة ومحسومة ،فلماذا إذا هذه الكراهية غير المبررة والساكنة في نفوس البعض من حولنا ؟! .. لذلك فالمريض بالكراهية هو في أشد الحاجة لجرعات إيمانية لتخلصه من أغلال المادية وقيود الأنانية بجراحها الدامية التي تلوثه بدمائها وتصيب البعض للأسف الشديد من رذاذها.
فاصلة تهمك
جاء رجل إلى سيدنا موسى عليه السلام يوما وقال له : إسأل ربك هل أنا سعيد أم شقي في الدنيا .. فسأل سيدنا موسى ربه فأجابه بأنه سيكون سعيدا أربعين سنة وشقيا أربعين سنة .. فقال الرجل أسأل ربك أن يجعل الأربعين سنة الأولى سعادة .. فاستجاب الله ورزق الرجل مالاً كثيراً، ففتح منزلا كبيرا له سبعة أبواب يدخل منها الفقراء والمساكين ليأكلوا ويشربوا .. وبعد أربعين سنة مر سيدنا موسى بالرجل فرآه سعيدا فسأل ربه .. لقد مرت أربعون سنة فلماذا لا يزال سعيدا ؟! فقال الله سبحانه وتعالى يا موسى إنني فتحت له بابا للرزق ، ففتح لي سبعة أبواب .. أيكون العبد أكرم من سيده؟! فخر سيدنا موسى ساجدا وشاكرا ربه.