معاناة اليمنيين المعيشية صمود أسطوري

معاذ القرشي

لقد وصلت آثار الحرب والعدوان إلى كل بيت ليس في ما يتعلق بسقوط الضحايا من المدنيين الذين هم في ازدياد مستمر ولكن أيضا بمعاناة الغالبية العظمى من اليمنيين الذين يشكلون قوام الطبقتين الوسطى والسفلى واللتين تتسابقان السقوط في الهاوية بسبب الأوضاع الصعبة المعاشة.

وهو الأمر الذي لا يحتاج للجان أو متخصصين للوقوف على كارثية ما يحدث بقدر حاجته لقلوب تشعر بمعاناة الناس وتعيش كل لحظة ألماً يمرون بها ومد يد العون والمساعدة للفقراء والمحتاجين منهم والذين فقدوا فرص أعمالهم وفقدوا القدرة على مواجهة التحديات والصعوبات التي تحدث.
“الثورة” نقلت مشاهد من معاناة اليمنيين في الجانب المعيشي كما هي دون رتوش أو مساحيق بل بقليل من الأسى والحزن الذي ربما يحيي ضمائر الأطراف السياسية المصرة على زيادة معاناة اليمنيين مع مرور كل يوم من أيام العدوان.
إن ماجعلنا نفكر في معاناة الناس هو اعتقاد البعض أن الصمود فقط صمود عسكري ويتناسون أن الصمود هو صمود الداخل وحل مشاكله وايقاف التدهور المريع في أوضاع الناس بالممكن المستطاع.
فنحن هنا ننقل مشاهد من معاناة اليمنيين ونضعها أمام الضمير الوطني وما تبقى من ضمير عالمي أصبح مجرد نصوص وتشريعات عرفتها المجتمعات المتحضرة لكنها محرمة على الشعوب المستضعفة.
بسبب المال الذي استطاع أن يخفي الحقائق وهي واضحة جلية كالشمس في رابعة النهار.
أسر تقايض الأرز بالدواء
في عمر الأربعين تحمل كيس الأرز سعة 5 كيلو في يد وطفلها في اليد الأخرى وبعد دخولها أحد المحلات التجارية بدأت في اقناع صاحب المحل بشراء الأرز لأنها تحتاج الثمن من أجل توفير العلاج لصغيرها المريض وفي نفس الوقت تؤكد أن الأرز حصلت عليه من أحد المحسنين تفاعل صاحب المحل مع شكواها وقدم لها ما يستطيع وانصرفت هي لحال سبيلها، لكن السؤال الموجع الذي لا يزال يبحث عن إجابة هو كم يوجد من المحتاجين إلى الدواء ولا يتوفر لديهم ما يمكن أن يقايضوا به ثمن الدواء وكم هناك من أسر بحاجة ماسة الى كيلو من الأرز وكثير من السلع الضرورية للحياة، ولهذا فهي دعوة نطلقها من الأعماق أن يعمل الجميع على تفقد أحوال من يعيشون بجوارهم في الشارع والحارة والمنطقة فثمة الكثير من الأسر فقدت مصدر رزقها الوحيد فكيف يكون الصمود اذا لم يصمد الشعب مع بعضه البعض.
اغلاق المحلات حل مؤقت
قرر إغلاق المطعم الذي يعتبر مصدر رزقه الوحيد رغم أن المطعم في شارع رئيسي بسبب الأوضاع التي نمر بها لكنه مع ذلك تجده منذ الصباح الباكر امام المطعم في رصيف الشارع ربما يكون جلوسه هناك يخفف عنه وطأة الوضع الذي وجد نفسه فيه فلم تعد المهن تمارس بشكل اعتيادي وسلس خاصة المهن التي تحتاج غاز وكهرباء وتحتاج قبل ذلك توفرالقدرة الشرائية عند المواطن وهنا نخلص إلى أن قرار اغلاق المطعم قرار صائب حتى يثبت واقع الحال عكس ذلك.
النازحون في القرى معاناة مستمرة
لا يزال من قرر النزوح إلى القرى من جحيم المواجهات التي تحدث يعانون بسبب ذلك رغم بعدهم الجغرافي من مراكز الخطر فلم تقتصر آثار المواجهات على الضرر الذي لحق بهم وأصاب الكثير من المدنيين وانما جعلهم يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة في القرى التي نزحوا اليها خاصة إذا عرفنا أن جل من انتقل الى الأرياف هرب من قصف التحالف والمواجهات التي تحدث في اكثر من مدينة يمنية كانوا يعملون في القطاع الخاص وفقدوا فرص العمل التي كانوا يعملون فيها فقد أدى العدوان الى توقف التنمية وتوقف قطاع البناء والمقاولات وقطاع السياحة والسفريات وقطاع النقل البري وغيرها من القطاعات التي لا تدب الحياة فيها إلا في وضع مستقر وما يؤكد الأعداد الكبيرة من النازحين في القرى ما يتوفر لدينا من خلاصة لأعداد النازحين من مختلف محافظات الجمهورية إلى مديرية حيفان في محافظة تعز وهي خلاصة تمت شهر 5 – 2015م والتي هي من ضمن الجهود التي قامت بها لجنة الطوارئ في جمعية الاغابرة والاعروق حيث تبين أن (9985) أسرة تضم (47731) نسمة، وهي نسبة كبيرة تمثل اجهازاً على ما يوجد من اقتصاد القرى خاصة ومن انتقل الى القرى من المدن لم يعودوا يمارسون الأنشطة التي يمارسها سكان القرى من الزراعة والرعي وتربية المواشي وغيرها من الأنشطة التي تمثل مرتكزاً أساسياً لاقتصاد الريف اليمني.
اختلال ميزانية الأسرة اليمنية
ارتفاع السلع والخدمات عكس نفسه في اختلال ميزانية الأسرة التي لم تستطع جراء الاوضاع التي نمر بها تلبية المتطلبات الأساسية وسداد إيجارات البيت التي يعجز الكثير من اليمنيين على دفعها وهي لا تزال بسبب الأوضاع في تراكم مستمر، وهذا ما يجعل أغلب الأسر تقوم بصرف كل ما استطاعت أن تخبئه للظروف من مصوغات ذهبية ومبالغ تم وضعها في صناديق التوفير كما عجزت الكثير من الاسر عن دفع أقساط الجمعيات التي كان ينشئها الأفراد والأسر من أجل التعاون فيما بينها في مشاريع الزواج والبناء وشراء السيارات ومنذ بداية العدوان تحولت تلك الأقساط للجمعيات الى دين في ذمة المستفيدين منها ولا يعرفون الى متى طالما ظل الوضع كما هو أننا تطرقنا للجانب المخفي او قل المسكوت عليه من صمود اليمنيين ومن معاناتهم بسبب العدوان والذي يحتاج الى ضمائر من يستطيعون ايقاف هذا العبث من اليمنيين ففي النهاية لن يكون الحل إلا بيد اليمنيين أما الخارج فهو قد جبل على استثمار أوجاع الشعوب والعمل على مفاقمتها.

قد يعجبك ايضا