مستشفيات أبين تحت الحصار والعدوان وحمى الضنك يفتك بالأهالي
الثورة/ خاص
يجد أبناء محافظة أبين أنفسهم يعيشون في وضع صحي وإنساني بالغ القسوة والتدهور، في ظل عدم تواجد مؤسسات الدولة بفعل دعم الغزاة لسيطرة المليشيا المسلحة الموالية للعدوان، وأيضاً بطش عصابات تنظيم القاعدة الإجرامي والمدعومة من قبل قوى العدوان على البلاد بقيادة السعودية.
ويلاحظ المتابع للوضع الصحي في المحافظة مدى التدهور الكبير وغياب الخدمات وسط أنتشار موجة جديدة لمرض حمى الضنك التي أصابت الآلاف خلال الأشهر الماضية وحصدت أرواح المئات منهم، خصوصاً في ظل الحصار غير الإنساني الذي يفرضه العدوان وعصاباته الإجرامية وعرقلتهم لوصول المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين.
وكان عاملون في قطاع الصحة في المحافظة قد تحدثوا عن نفاد المخزون الطبي والدوائي لدى مستشفيات المحافظة وأبرزها هيئة مستشفى الرازي الذي يُعد أكبر المستشفيات الحكومية في أبين وانعدام المحاليل الطبية والمختبرية.
ويتزامن ذلك مع إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن عن قلقها إزاء منع وعرقلة وصول المساعدات الأساسية إلى اليمن وبين المحافظات.
ورغم أن محافظة أبين تمتلك موقعاً جغرافيا غاية في الأهمية كونها رابطة بين محافظات شرق وغرب البلاد، إلا أنها ظلت طوال فترة الحرب العدوانية ولا تزال مغيبة عن الكثير من أعين وعدسات وسائل الإعلام والمغيبة عن رصد الجرائم البشعة التي تطال المدنيين الابرياء وما تتعرض له المدينة من تدمير وقصف عشوائي طال دماره كل البنى التحتية وفي مقدمتها المستشفيات والمراكز الصحية. حيث تُشير تقارير إلى أن العدوان وأدواته المحلية دمروا نحو 40% من مرافق القطاع الصحي في المحافظة بشكل كامل، فيما 20% أخرى توقفت بشكل جزئي عن العمل وتقديم خدماتها. فيما هنالك مرافق أخرى مهددة هي الأخرى نتيجة لعدم توفر المحروقات الخاصة بتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات، وأيضاً لنفاد الأدوية والمحاليل الطبية ومغادرة الكوادر الطبية بشقيها الأجنبي والمحلي جراء عمليات القصف وسيطرة العصابات المسلحة على المدينة.
وذكر مصدر مسؤول في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في أبين أن الدمار الذي خلفته الحرب العدوانية على اليمن أثر بشكل كبير على قدرة تلك المرافق الطبية والعاملين فيها على تقديم الخدمات بشكل جيد للمواطنين. مؤكداً أن أياً من عمليات الاعمار التي كانت تتحدث عنها الحكومات السابقة ، لم تحدث على أرض الواقع. مُتهماً شخصيات مقربة من الهارب هادي، وعلى رأسها محافظ أبين الأسبق أحمد الميسري، بنهب مخصصات الاعمار الموجهة للجانب الصحي.
الضنك يفتك بالأهالي :
ولا تنتهي هنا معاناة أبناء محافظة أبين والذين يصل تعدادهم السكاني إلى ما يقارب 700 ألف نسمة، حيث يجدون أنفسهم من جديد تحت وطأة انتشار مرض حمى الضنك الذي بات يفترسهم واحداً تلو الآخر، دون أن يجدوا من يمد لهم يد العون والمساعدة في ظل الحصار الخانق الذي تفرضه دول العدون على البلاد من الخارج وأدواتها الإجرامية من الداخل، من منع وصول الأدوية والمستلزمات الطبية.
ويقول عاقل إحدى حارات زنجبار (ت.ن) إنه لا يوجد بيت في منطقته إلا ويوجد لديهم مصاب أو اثنان بمرض حمى الضنك التي باتت تنتشر بشكل كبير في صفوف السكان.
غير أن المسؤولين المحليين في قطاع الصحة ورغم اعترافهم بانتشار الحمى بشكل كبير ومخيف، إلا أنهم أكدوا عدم وجود إحصائيات لانتشار المرض، لعدة عوامل من أهمها توقف المختبرات المحلية عن العمل لنفاد المحاليل المختبرية ونهب العديد من معدات الفحص، وكذلك عدم القدرة على إرسال أي عينات إلى المختبرات المركزية الأخرى سواء بصنعاء أو عدن جراء الظروف الراهنة.
بدوره اعتبر الدكتور ناصر السعدي، أن هذا الانتشار هو بمثابة الموجة الثاني من المرض التي تضرب المدينة، غير أنه قال إن أمراً كهذا متوقع خصوصاً في ظل انتشار الأوساخ والقمامة والقاذورات في طفح مياه المجاري في شوارع المدينة، ناهيك عن أن محافظة أبين محافظة زراعية ويوجد بها العديد من البرك والمستنقعات المائية، وهذا ما يُشكل بيئة مناسبة وقابلة لحشرة البعوض الناقلة لمرض حمى الضنك النزفية. في ظل عدم قيام السلطات المحلية أو الجهات المختصة في مكتب وزارة الصحة والسكان في المحافظة في تنفيذ حملات للرش الضبابي للتخلص وتطهير تلك المواقع من حشرة البعوض.واضاف قائلاً “:إن جميع مؤسسات الدولة قد انهارت وحل بدلاً عنها المسلحون” . محذراً من وقوع كارثة إنسانية وبيئية في أبين إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه.
أطباء تحت التهديد :
مأساة الوضع الصحي والعاملين في القطاع الطبي في أبين ليست حديثة العهد وإن كانت الآن أكثر قسوة، بل هي امتداد للعام 2011م حينما سيطرت عصابات ومسلحو تنظيم القاعدة الإجرامي على المدينة وما تلتها من حروب وصراعات داخلية بين أمراء حرب القاعدة وأخيراً الحرب العدوانية التي تشنها السعودية على البلاد.
وليس تدمير المرافق الطبية والصحية وتدهور الخدمات الصحية هو الشيء الوحيد الذي يشكو منه الأطباء والعاملون في قطاع الصحة، بل أيضاً قيام الميليشيات والعصابات المسلحة المدعومة من الهارب هادي، بإجبارهم وتحت تهديد السلاح على تقديم الرعاية الصحية لمقاتليهم الذين يصابون في المواجهات الدائرة في ما بينهم, وتقول الطبيبة (م.ن.ع) :إن المسلحين وبعضهم ينتمي للقاعدة أجبروها وعدداً من زملائها الأطباء على القدوم إلى مستشفى “لودر” لمعالجة عدد من أنصارهم الذين تعرضوا لكمين من قبل عناصر الجيش، وأن المسلحين كانوا يصرخون ويرددون عبارات تهدد الأطباء بالانتقام إذا لم ينجحوا في إنقاذ حياة زملائهم.
مضيفة :إن الأمر لا يقتصر على هذا الحد، بل تجاوزه في بعض الأوقات إلى إجبار عدد من الطواقم الطبية على التوجه إلى مناطق الصراع والحروب في مديرية “مكيراس” والبقاء هناك لمعالجة أنصارهم وأن هذا الأمر يتم تحت تهديد السلاح.
مشيرة أيضا إلى تعرض المخزون الاحتياطي من الأوكسجين والمحاليل الطبية في مستشفى لودر الحكومي وسيارات إخلاء طبي إلى النهب من قبل مسلحي القاعدة.واضافت قائلة “:إن القائمين على المستشفى أخبروهم أن ذلك المخزون مخصص لمراكز الأمومة والطفولة، غير أن المسلحين رفضوا الإنصات إليهم وعمدوا إلى نهب المخزون والتوجه به إلى مكان مجهول” .