لا سامح الله السماسرة .. خلطوا حابل المكسب بنابل الخسارة
ليس هناك ما يحزن في كل ما يتعلق بالواقع المعيشي برمته , بعد أن تعودنا على المصائب والنكبات وجبلنا على الكيد السياسي والنفاق الديمقراطي ونتائجهما المخيبة للآمال .. ليس ما يحزن غير الانتكاس الشخصي والأخلاقي لدى بعض أناس من المفترض أن يكون لديهم قدر كبير من الأمانة ومن المسؤولية في التحكم بمعيشة المواطنين , وجرم أيما جرم عندما نجد من هؤلاء يسقطون في الجشع والاحتكار والتلذذ في تلوع الغلابة بالجوع والفقر المدقع وتعذيب الناس في اللهث وراء المواد المعيشية والخدمية !
وقد كشفت السوق السوداء الوجه الحقيقي لمفتعلي الفتن وتجار الحروب في بلادنا ومستغلي ظروف الغلابة والمسحوقين معيشيا واقتصاديا .. ذلك ما اتضح جليا في السوق السوداء والغبراء من تكدس للمشتقات النفطية في زوايا الجولات وفي جنبات طرقات المدن الرئيسية وبيعها للمواطنين بأسعار مخالفة لقيمتها المسعرة رسميا .. تباع جهارا نهارا دون خفاء وبقلة حياء وعاد فيها بهرارة واسلم جلدك أحسن لك !
تجار السوق السوداء إلى جانب تواجدهم بكثافة على قارعة الطريق يمتصون دماء الغلابة مقابل شراء سلعهم النفطية في عز الصبح ويوروهم النجوم في عز الظهر والبعض يقول كثر الله براميلهم , إلا أنهم فضحوا للناس وبينوا انه لا تزال هناك عصابة تتحكم بالأشياء الضرورية وتمسك بيدها خيوط التلاعب بالضروريات من أجل تعميق الأزمة الراهنة واتساع الهوة بين أفراد المجتمع المغلوبين على أمرهم .. عصابة كانت تمارس هوايتها في قطع التيار الكهربائي عبر الخبطات الحديدية وتارة عبر تفجيرات بوارج الكهرباء وأخرى بقذائف الهاون والاربيجي حتى حرمنا من التيار الكهربائي بشكل نهائي .. والآن تلك العصابة وجدت ضالتها في البنزين والديزل والغاز ويجرعون المواطن العذاب والمحن ليس بالمجان بل مدفوعة الثمن .. والضحية المواطن والوطن الذي من المفترض علينا إزاءه الدفاع عنه وعن أرضه وعزته وكرامته وصون حياة أبنائه ومعيشتهم وبالذات في هذه الفترة الحرجة والعصيبة .
وأكبر دليل على وجود تلك العصابة الخفية نجاحهم في سعيهم الخبيث لإخفاء مادة البنزين عقب صدور قرار التعويم مباشرة من اللجنة الثورية ومن القائم بأعمال الحكومة في الداخل وظهوره في الأسواق مباشرة وبأسعار متفاوتة وصلت حد الخمسة والعشرين ألف ريال ثم تراجعت شيئا فشيئا واستقرت عند العشرة آلاف ريال وفي المحطات بتسعة آلاف ريال وكلها مخالفة للأسعار العالمية والمحلية وحتى عند رعاة البقر والغنم وآكلي لحوم البشر .. حتى دبة الغاز لم تسلم من عصابة السوء وكل يوم لها سعر ولا حياة لمن تنادي أو من يواجه لهيب السوق السوداء وكل يوم تستعر !
بصراحة متناهية وأقولها بالفم المليان , لا زال الكثير منا كيمنيين ينقصهم معنى المواطنة ومن يكون الوطن .. والأغلب يعتقد أن الوطن عبارة عن قطعة أرض تباع وتشترى ويتم توزيعها على قطيع من الخارجين والحاقدين على الوطن بأي ثمن كان, حتى وإن كان ذلك على حساب أرواح الغلابة وبخلق الأزمات وزرع الفتن .. ولأنه تم تجاهل الجوانب الإنسانية والمعيشية من قبل سماسرة الحروب ومفتعلي الأزمات وصناع الفتن , أصبح المواطن اليمني في الطبقات الدنيا في معترك حقيقي مع الفقر والعوز وشظف العيش, وصار المواطن يتلوع من التعب ومن المعاناة جراء بحثه الطويل والشاق وراء المشتقات النفطية ديزل وبنزين ومازوت وغاز !
مستغلون بارزون للأوضاع الراهنة ولا يحتاج لمن يكشف أو يبحث وراءهم فنحن نشاهدهم في الجولات والتقاطعات العامة نشطوا جداً في السوق السوداء ومشهود لهم باستقدام بنزين قد يكون مخزناً من السابق أو تم شراؤه من أسواق سوداء من الدول المجاورة يتم عرضه في الجولات بألوان مختلفة وكأنك في معرض ملابس أو تستعرض قوس قزح تنبعث منه ألوان مختلفة كألوان الطيف.
لا سامح الله السماسرة والجشعين خلطوا حابل المكسب بنابل حاجة المواطن في تجارة خاسرة وخالية من المبادئ والقيم الإنسانية.. فحل قانون الغاب.. اليمن ليس قطعة شوكلاتة ولا تورتة ودم شعبها غال يصعب توزيعه بين قبائل الجزيرة والخليج.
وذلك كله باستغلال صريح .. ونهب فصيح للمواطن العاجز الفصيح والذي لم يجد من إليه يصيح .. ورسالة لتجار السوق السوداء: ارحمونا من الحرب في الداخل.. لا تقتلونا بالأزمات .. غير معقول من يحدث من تشويه لحياتنا في السوق السوداء.. توحدوا .. تماسكوا قبل أن تذبحوا على يد داعش وأخواتها.