الحديدة / فتحي الطعامي –
مع بداية كل عام جديد يسعى خريجو الجامعات اليمنية ومن كل التخصصات للوقوف أمام وزارة الخدمة المدنية والتأمينات ومكاتبها في عموم محافظات الجمهوريةأملا منهم أن يحالفهم الحظ في الحصول على وظائف .. آمال سرعان ما تتبدد مع قلة الدرجات الوظيفية مقارنة بآلاف المتقدمين المتنافسين عليها.. سنوات من المعاناة واليأس والانتظار يرافقها منغصات الحياة لكثير من الشباب الذين يقفون عاجزين عن تحقيق طموحاتهم وآمالهم البسيطة جداٍ والمتمثلة بالحصول على وظيفة تساعدهم على مواجهة الحياة المعيشية الصعبة.
الدرجات الوظيفية المخصصة للمحافظة ضئيلة مقارنة بحجم المتقدمين
البعض هاجر إلى الخارج تهريبا وآخرون يعملون على الدراجات النارية
❊ كثير من أولئك الشباب في محافظة الحديدة تعبوا وأجهدوا أنفسهم وهم يبحثون عن ما يعينهم على الحصول على حقهم في التوظيفبعد أن أقفلت في وجوههم فرص العمل في القطاع الخاصوظلوا حبيس الانتظار للوظيفة الحكومية التي ربما لن يحصلوا عليها إلا وقد وصلوا إلى سن الهرم كما يقول البعض .. خاصة وأن الدرجات الوظيفية التي يتم الإعلان عنها سنوياٍمعدودات مقارنة بآلاف الخريجين الذين يتقدمون بطلبات التوظيف سنوياٍومنهم بعد من أمضوا سنوات عديدة منذ تخرجهم من الجامعات..
إغتراب ومعاناة
❊ قصص من المعاناة والحكايات المحزنة لشباب بذلت الدولة في تأهيلهم الكثير وبذلوا مع ذويهم الكثير حتى يحصلوا على شهادات جامعيةإلا أن تلك الشهادات غدت في الدواليب ورفوف المنازل.. لكل شخص منهم حكاية مليئة بالمتاعب والمعاناة التي أعقبت تخرجهم من الجامعاتفمنهم من قام بالاغتراب تهريبا ومنهم من عمل على الدراجات النارية وآخرون ظلوا عالة على آبائهم وأسرهم .. لكن الغالبية منهم ظلوا مقيدين في جيوش البطالة كونهم لم يحصلوا على العمل في القطاع العام أو القطاع الخاص ..
هذا العام كغيره من الأعوام التي أعلن في بدايتها عن التوظيف لعدد من المتقدمين للوظائف بمحافظة الحديدة ازدحم الآلاف من الشباب الخريجين أمام مكتب الخدمة المدنية بالمحافظة بانتظار أن يحالفهم الحظ وتكون أسماؤهم من ضمن المقبولين في التوظيف.
محافظة الحديدة من أكثر المحافظات كثافة سكانية وعلاوة على ذلك فهي إحدى المحافظة التي بها جامعات وكليات (خاصة وحكومية) فالخريجين من هذه الجامعات سرعان ما يتقدمون بملفاتهم إلى مكتب الخدمة المدنية بالمحافظة ..-هذا ما قاله أحد المعنيين في مكتب الخدمة المدنية بالحديدة-
والذي أضاف أن الآلاف من خريجي الجامعات في الحديدة ينتظرون التوظيف وكثير منهم قيدت أسمائهم في كشوفات الخدمة المدنية لكن ذلك التسجيل لا يعني بالضرورة أن يتم التسجيل الفوري لهم .. الأمر يتطلب إدراجهم في تلك الكشوفات ومن ثم يخضعون للعديد من الاعتبارات منها المفاضلة فيما بينهم بحسب طلب واحتياجات المؤسسات الحكومية والأمر الآخر حسب سنة التقدم للتوظيف وايضا تقديم احتياجات الريف كأولوية على المدينة.
300درجة وظيفية فقط
❊ لكن الشيء المهم أن عدد الدرجات الوظيفية التي تمنح للمحافظة لا تساوي شيئاٍ مقارنة بالأعداد الكبيرة للمتقدمين للوظيفة العامة في الحديدة .. حيث يبلغ عدد المقيدين في الخدمة المدنية من طالبي التوظيف (26 الفا) بينما لم تحصل محافظة الحديدة من الدرجات سوى على 300 درجة وظيفية خلال العام الجاري لم يتم الافراج عنها أو الإعلان عن اسماء المقبولين في التوظيف ..
تجديد مستمر لقيود التسجيل!
❊ ومع كل فترة يسعى المتقدمون للوظيفة لتجديد قيدهم الوظيفي عبر مكاتب الخدمة المدنية أو عن طريق خدمة النت (موقع الخدمة) كإجراء ضروري لاستمرار طلب الوظيفة لكن ذلك التجديد لا يؤدي في الغالب إلى أي جديد بالنسبة لهم .. فالخريج عبدالمعطي معجب خريج جامعة الحديدة تخصصين (كلية التربية رياضيات – وتجارة تخصص محاسبة) تقدم للخدمة المدنية منذ ما يقارب من عشر سنوات أملا في أن يعين أسرته التي صرفت عليه كل ما تملك حتى يحوز على شهادة جامعية هي اليوم لا تغني ولا تسمن من جوع – كما يقول -.
ويتحدث معجب عن المعاناة التي يتكبدها جراء وقوفه أمام مكتب الخدمة المدنية بالحديدة فيقول: تخصصت في قسم الرياضيات كتخصص مطلوب وقليل هم الذين يتخصصون فيه أملا مني في الحصول على وظيفة تعينني في تحمل صرفيات أسرتي فسهرت الليالي الطوال وأنا منهمك في المذاكرة وبذلت أقصى الجهود ولاقيت الكثير من التعب والمعاناةوبعد أن تخرجت تقدمت بالشهادة إلى الخدمة المدنية أملا في أن أسهم في بناء الوطن وأحصل على ما يعينني على توفير الاحتياجات الضرورية ومواجهة المعيشة..
وأضاف:منذ عشر سنوات يا أخي وانا انتظر قرار التوظيف ومع كل عام يمضي يتسلل المزيد من الإحباط إلى نفوسنا وكذلك وضعنا الاقتصادي والمادي يزداد سوءاٍ يوماٍ بعد آخر وعاماٍ بعد عام.. ولمواجهت تبعات ونفقات متابعة الوظيفة عملت فوق الدراجات النارية وعملت موظفاٍ في إحدى المدارس الخاصة براتب لا يتجاوز 7 آلاف ريال بالكاد يكفي لوجبة الفطور.. وفي بداية كل عام أقوم بتجديد قيدي في موقع الخدمة المدنية لكي لا تفوتني فرصة الحصول على الوظيفة التي أصبحت اليوم أقل أملا في الحصول عليها.
ترقب للوظيفة منذ العام 2005م
❊ أما الشاب تركي البرعي والذي تخرج من الجامعة في 2005م كما يقول تخصص حاسوب وكان من أوائل الدفعة هو الآخر لم يحصل على الوظيفة منذ ذلك الحين وهو اليوم يترقب الإعلان عن الدرجات الوظيفية والأمل يحدوه بأن يكون من ضمن المقبولين.. ويقول بأنه يلجأ ما بين كل فترة وأخرى للاغتراب إلى السعودية عن طريق التهريب كون الدولة لم تتحمل مسئوليتها في توظيفه هو وزملاؤه..
ويضيف متسائلاٍ: إذا كانت الدولة لا تستوعب هذه التخصصات كما يقولون أو ليس لها حاجة فلماذا يفتحونها في الجامعات¿ ألا يوجد دراسات تحدد احتياجات المجتمع أم أن المسألة تحصيل حاصل..¿ أحنا اليوم لنا ما يقارب من عشر سنوات اغتربنا ذهبنا إلى السعودية اشتغلنا في مزارع وفي رعي الأبقار والأغنام ونحن نمتلك الشهادات..
❊ برفقة أبنائهم وبناتهم يأتي العديد من الآباء والأمهات إلى مكتب الخدمة المدنية لمشاركتهم في هموم وغموم البحث عن وظيفة حكومية .. بشكل شبه يومي فخلال الأيام الماضي كان الآباء والأمهات يتواجدون أمام مكتب الخدمة المدنية يطالبون خلال تواجدهم المسئولين في الخدمة برحمة أبنائهم وبناتهم وإدراجهم في كشوفات المقبولين ..
فالحاج عمر عبدالله (أب لإحدى المتقدمات للوظيفة) يقول أنه يتردد على مكتب الخدمة قادما من مديرية الزيدية التي تبعد أكثر من 60 كيلو متراٍ عن عاصمة المحافظة أملا منه – كما يقول – أن يسهم تواجده في حصول ابنته على درجة وظيفية..
يضيف الحاج عمر: أبنتي لها أكثر من 7 سنوات منذ تخرجت من الجامعة تخصص فيزياء وهو تخصص مطلوب في المديرية وهم قالوا – أي الخدمة المدنية -أن الأولوية للأرياف والمديريات النائية التي تحتاج إلى الكوادر التعليمية إلا أنه وبالرغم من الاحتياج جئنا بأوراق من المسئولين في المديرية تؤكد حاجة المديرية لهذا التخصص .. تعبنا واحنا كل يوم نجي للخدمة المدنية 7 سنوات طيب أيش نعمل فين نوظفها .. يتقوا الله يشوفوا إلى عندنا ويرحمونا الله يرحمهم.
شبر مع الدولة
❊ أما الشاب عبدالله الدب (خريج هندسة حاسوب) فيقول أنه تعب من العمل في القطاع الخاص لأن رجال الأعمال واصحاب المشاريع لا يعترفون لا بشهادات ولا بخبرات كل الذي يهمهم – حسب قوله – مصلحتهم ونجاح مشاريعهم بأي وسيلة كانت..
ويضيف عبد الله:حالياٍ أنا أعمل في أحد مراكز الاتصالات لمدة 8 ساعات براتب شهري لا يتجاوز 8 آلاف ريال وهو مبلغ بالكادر يغطي المواصلات ووجبة الفطور ..لكن أيش يعمل الواحد ما نريد ان نبقى عاطلين .. العمل مع الحكومة في كل الأحوال أحسن من العمل في القطاع الخاص وعند أصحاب المشاريع وكما قالوا شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي .. أقلها مع الحكومة تعمل في تخصصك الذي درسته ..
كثيرون هم الخريجون من الجامعات بمحافظة الحديدة الذين ترقب أعينهم صوب كشوفات المقبولين للوظيفة العامة لهذا العام .. ويتمنون أن لا يمضي عليهم هذا العام إلا وقد توظفوا وخرجوا من كشوفات العاطلين إلى كشوفات العاملين ..