ثورة تلد أخرى
كتب/المحرر السياسي
¶.. * تتزامـن هـذه الأيام احتفالات الشعب اليمني بالذكرى الأولى لأعياد ثورة21سبتمبر والثورة الأم26سبتمبر1962م في دلالة واضحة لترابط المد الثوري التحرري للانعتاق من ربقة الظلم والاستبداد والجبروت واطلاق قدرات الإنسان اليمني في التغيير والبناء النهضوي الشامل.
ولا شك بأن كلتا الثورتين مثلتا انعطافة مهمة وتاريخية جسدت في بدايتها الثورة الأم الانطلاقة للمارد اليماني للخروج من قمقم الكهنوت والعبودية إلى الفضاءات الرحبة.. في الوقت الذي جاءت فيه ثورة21سبتمبر لتصحيح مسار هذا الركب في اتجاه تخليص القرار اليمني من التبعية والاستبداد فضلا عن السعي نحو التغيير لإعادة البناء والتأسيس لحياة كريمة بمعزل عن الارتهان لقوى النفوذ والاستبداد التي حاولت –ولا تزال- تحاول عرقلة تحقيق التطلعات المشروعة والمطالب العادلة للشعب اليمني كما أكد على ذلك السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي عشية مرور عام على الثورة الشعبية التي انخرط فيها كافة أبناء ومكونات المجتمع تماما كما كانت هي الثورة الأم التي ظلت على الدوام تقاوم مخططات التدخل والهيمنة لقوى الرجعية السعودية وحلفائها الذين ما انفكوا خلال العقود المنصرمة وضع العراقيل أمام تطور اليمن.
ومع الأسف الشديد فإن أدوات الرجعية السعودية وحلفاءها في الداخل استمرت تعمل لصالح قوى الخارج من أجل تنفيذ مخططات عرقلة مسارات التغيير والبناء وعلى نحو يهدف إلى إحداث خلخلة في المجتمع وتعطيل مسارات التسوية التي تجلت في إفشال مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة بهدف البحث عن ذرائع لتبرير العدوان والاحتلال الذي لن يكتب له النجاح بفضل صمود وتضحيات الشعب اليمني الذي قرر تصحيح الاختلالات القائمة في موازين القوى ورفع الظلم والجبروت والقهر الذي يمارسه بصلف نظام آل سعود ومشيخات الخليج ضد اليمنيين طيلة العقود المنصرمة.
ومن حيث المبدأ فإن خاصية موقع هذا البلد في إطار منطقة الجزيرة والخليج واطلالته المباشرة على البحرين العربي والأحمر وإشرافه على مضائق مهمة استراتيجيا واقتصاديا قد جعل من اليمن محط تآمر مستمر لتقويض جهود اقامة الدولة المركزية القوية التي من شأنها القيام بكامل مسؤولياتها لحماية الأمن الداخلي وحفظ الأمن الاقليمي والدولي.
وتتجلى أبعاد هذا المخطط التأمري في المحاولات المستميتة لنظام آل سعود وقوى الاستبداد بزرع بؤر للفساد السياسي والاقتصادي في الداخل والتدخل المباشر في شتى شؤون الحياة اليمنية عبر منظومة الحكم السابقة بغرض إعادة عقارب الزمن إلى الوراء وفرض العزلة والحصار على هذا الشعب وإبقائه ضعيفا هامشيا ومفتتا يدير معاركه بين أبنائه لصرف انظارهم عن المعركة الأساس والمتمثلة في اللحاق بركب العصر.
ومهما كانت التحديات الذاتية والموضوعية الداخلية والخارجية فإن شعبا معدنه الأصالة وديدنه الصمود وطموحه تحقيق العدل والشراكة حري بأن يرتاد آفاق المستقبل دون اغفال لتأكيدات الثورة الشعبية على المسارات السياسية لحل عادل وشامل للقضية اليمنية بايقاف العدوان ورفع الحصار وانجاز التسوية القائمة على الاستقلال والسيادة بكل ما تحمله هذه المضامين من دلالات وأبعاد. والخلاصة فإن ثمة تاريخا جديدا وفارقا يسطره اليمنيون اليوم وهم يواجهون هذه العاصفة الرعناء والصلف والجبروت بكل إيمان وقوة واستبسال شاء من شاء وأبى من أبى..!