ويزعمون أنهم عرب ومسلمون
أماطت أزمة اللاجئين السوريين اللثام عن حقيقة السقوط والانحطاط الذي وصلت إليه النظم العربية الحاكمة والخليجية منها على نحو أخص.
على مدى الخمسة الأعوام الماضية سجلت الأنظمة العربية تدخلات سافرة في الشأن السوري أفضت إلى تعقيد الأزمة وتغذية الصراع المسلح بين مختلف الأطراف. وبينما كان الخطاب السياسي والإعلامي للدول الخليجية منصبا باتجاه دغدغة مشاعر الشعب السوري وإيهامه بأن جيرانه على استعداد لتقديم كل أشكال العون والدعم لإخوانهم السوريين تبين اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن العربي السوري أصغـر من أن يحتضنه أخوخ العربي الخليجي والسبب أن للخليجيين بيئتهم ومعيشتهم التي لا تناسب بقية العرب!
هكذا قال ساسة وإعلاميو السعودية والكويت وهم يحاججون الانتقادات المتوالية لدول الخليج بشأن رفضها إيواء اللاجئين السوريين الذين ضاقت بهم السبل فاضطروا إلى ركوب المخاطر والبحث عن مأوى في بلاد الغرب (والنصارى)!
والمؤسف أن أزمة اللاجئين السوريين كشفت كذلك عن مدى الوهن الذي أصاب النسيج الاجتماعي العربي حيث فشلت الهيئات الشعبية والمنظمات المدنية والحقوقية في التعاطي مع الشق الإنساني للأزمة السورية مع أن التحشيد للقتال في سوريا قد شمل عددا كبيرا من الدول العربية تحت عناوين دينية مضللة.
بالأمس كانت الصورة مشحونة بتعابير غاية في القسوة والألم فعشرات الآلاف من السوريين كانوا وما زالوا يسابقون الموت الذي نجوا منه في بلادهم فتلقفهم في البحر محاصرا الفرصة الوحيدة التي توفرت لهم بعد أن تنكر لهم القريب قبل البعيد من العرب المسلمين.
بينما على الضفة الأخرى كان عشرات الآلاف من المتظاهرين في المدن الأوروبية يطالبون حكوماتهم باستقبال اللاجئين السوريين في تأكيد على المشترك الإنساني الذي يجمع الشرق بالغرب بغض النظر عن البعد السياسي الذي يكتنف الصحوة الأوروبية المتأخرة.
وما يؤسف له أيضا أن الأحداث التي سبقت الانتفاضة الإنسانية في الغرب قدمت العرب والمسلمين بالصورة المقززة التي ظهرت عليها أفعال تنظيم “داعش” في سوريا والعراق والجرائم البشعة التي يرتكبها عناصر التنظيم الإرهابي بحق الإنسانية وتحت راية وشعار إسلامي محض!
إنها لمفارقة محزنة وصادمة: يموج الشرق الإسلامي بجرائم وحشية دفعت إلى تهجير الآلاف من العرب والأكراد والمسلمين والمسيحين وفي المقابل موجة إنسانية بالغرب ترحب باللاجئين وتدعو إلى احتضانهم بعض النظر عن دينهم أو جنسهم أو لونهم أو مستوى معيشتهم!