أسئلة تراجيدية
ربما لم يشهد الإماراتيون ــ منذ إعلان قيام دولتهم في مطلع السبعينيات ـــ واقعا تراجيديا يرافقه إعلان رسمي بالحداد وتنكيس الأعلام كما حصل في الأيام القليلة الماضية بعد عودة العشرات من جنودهم المشاركين في الحرب على اليمن إلى أهاليهم في سائر أحياء مدن الإمارات وقراها في صناديق مغلقة تتسلمها أكتافهم من أكتاف الفرق الموسيقية العسكرية بعد أن يتوقف ضجيج سيمفونية حزينة في أجواء تسيطر عليها الحيرة المدهشة التي تبحث عن إجابات لأسئلة كثيرة لا يلهج بها ذوو القتلى وحدهم ولكنها لسان حال العقلاء في الإمارات وفي غير الإمارات وكلها تتفرع عن سؤال مركزي مفاده: لماذا يزج حكام الإمارات بجنودهم إلى محارق الموت في اليمن¿
إن هذا السؤال يستدعي أسئلة أخرى مستمدة من فترات ليست بعيدة تتمحور في الكشف عن الدوافع التي تقف وراء اندفاع حكام الإمارات إلى المشاركة العسكرية في الحرب التي تقودها أمريكا في أفغانستان والإسهام في تمويل الحرب الفرنسية على مالي والمشاركة في العدوان الصهيوني على غزة ودورها في تمويل إشعال الحروب في ليبيا وسوريا والعراق وغيرها وهذه الأسئلة ليست حكرا على حكام الإمارات وحدهم ولكنها تطرح نفسها على تصرفات بقية حكام دول تحالف العدوان على اليمن لا سيما السعودية وقطر.
يدرك اليمنيون ومعهم مفكرو المملكة والخليج حقيقة الأسباب التي تقف وراء استلاب هذه الأنظمة لقوى النفوذ العالمي وتجعلها خاضعة لابتزازاتها منفذة لأجندتها وسياساتها في المنطقة العربية مقابل حماية عروشها وديمومة استمرارها في الحكم فهي أنظمة دكتاتورية لا تمثل سوى الأسر الحاكمة التي تفتقد لكل أسس الشرعية السياسية وسائر مقومات الحكم الديمقراطي فلا صناديق انتخابات أوصلتها إلى الحكم ولا مجالس برلمانية منتخبة تراقب تصرفاتها وتعود إليها في اتخاذ قرارات الدولة الاستراتيجية كقرار المشاركة في الحروب وإرسال الجنود إلى محارق الموت في اليمن مثلا.
إن وجود قدر من الديمقراطية في دولة مثل باكستان استطاع أن يحول بينها وبين المشاركة في الحرب العدوانية على اليمن بعد أن رفض البرلمان الباكستاني مشاركة دولتهم في حرب لن تجني منها سوى الخراب والدمار بالرغم من العلاقة الاستراتيجية التي تجمعها بالسعودية ولو كان الموقف الباكستاني خاضعا لنزوات رئيس الوزراء (شريف) دون الاحتكام إلى البرلمان المنتخب لكان موقفه متطابقا مع موقف حكام السعودية والخليج من الحرب على اليمن والأمر نفسه لو كانت أنظمة السعودية والخليج تستمد سلطاتها من صناديق الاقتراع ويتوفر في بلدانها قدر من الديمقراطية والبرلمانات المنتخبة لشهدنا موقفا مغايرا لشعوب هذه الدول من العدوان على اليمن ولوقفت برلماناتها سدا منيعا في وجه قرار الحرب ضد دولة عربية مجاورة تماما كما فعل المعارضون الباكستانيون.
إن غياب الشرعية السياسية لهذه الأنظمة جعلها تمارس عدوانها الظالم على شعوبها أولا للحيلولة دون تحررها ولوأد حريتها ومصادرة حقوقها في اختيار حكوماتها وأنظمتها السياسية التي تعبر عن إرادتها كما جعلها أيضا عرضة لابتزاز قوى النفوذ العالمي التي لم تكتف بنهب ثرواتها وبسط نفوذها العسكري على جغرافيتها السياسية ولكنها تستثمر غياب شرعية حكام هذه البلدان في تنفيذ سياساتها العدوانية على الدول العربية وسعيها الدائب إلى تقسيمها لانتزاع ثرواتها وتأبيد احتلالها تماما كما يجري الآن في اليمن فدول التحالف تشن حربا بالوكالة على اليمن تنفيذا لأجندة صهيوأمريكية تسعى إلى تفتيت اليمن إلى كانتونات وأقاليم يسهل معها السيطرة على ثرواته وأراضيه ومياهه ولا تخلو في الوقت نفسه من تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية لدول التحالف المشاركة في العدوان على اليمن وهذا لن يتم تحقيقه إلا في ظل الوصاية الدولية وإعادة الشرعية المزعومة التي يقع على رأسها عبدربه منصور هادي إلى حكم اليمن حاضرا وإعادة إنتاجه مستقبلا.
يوما ما ستتوقف الحرب على اليمن ولن يكون أمام اليمنيين غير تجاوز الوصاية بكل أشكالها وبناء دولتهم المدنية العادلة القائمة على الديمقراطية والتعددية السياسية واحترام التنوع المذهبي والثقافي والفكري فيما ستظل دول التحالف العدواني تعربد في استبدادها وعدوانها على شعوبها خاضعة للابتزاز الصهيوأمريكي الذي ينهب ثرواتها ويسخرها في تنفيذ أجندته في المنطقة حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
ظلال شعرية:
إن الدم اليمنيö
ألسنة من النيرانö تغúلöي في جوانöحöنا كنöيúرانö القöيامةú.
إن الدم اليمنöيö جرح في الكرامةö
والكرامة لا تضمöدها حقول النفúطö قاطبة
إذا جرöحتú
وهلú ترúضى بöغيúرö الثأúرö أحúفادö الكرامة.