لماذا يقصفونك يا صنعاء¿
صادق أحمد علي النفيش
تعتبر مدينة صنعاء من أكبر المدن اليمنية , ويعيش في هذه المدينة خليط قديم من التركيبة السكانية التي كثيرا ما تمثل يمنا مصغرا يضم كل المناطق والمحافظات والقبل والأعراق اليمنية, والتعايش فيها متوارث منذ المئات من السنين فهذه المدينة غنية بثرواتها الثقافية والمعرفية , ناهيك عن الثروة البشرية والعقول التي أثرت اليمن بعلومها ومعارفها فهي مدينة ولود عملاقة بكل معنى الكلمة تؤثر وتتأثر بالمحيط المجاور.
لذلك ترى هذه المدينة وقد أثرت بتلك المدن المجاورة التي تقع بالجانب الآخر منها بالعادات والتقاليد ونقلت لها الكثير من الصفات اليمنية الصنعانية البحتة, وبسرعة تكتشف تأثر تلك المدن بصنعاء فهي تعتبر أم المدن اليمنية أو جدتها لتاريخ صنعاء العميق والموغل بالقدم , ولاحتفاظها بعالمها الخاص الذي تعتز به, وكذلك لحملها ما هو مفيد لتلك المدن المجاورة تجاريا وعلميا وثقافيا واجتماعيا .
من هذا العمق الجغرافي والتاريخي والاجتماعي والثراء الفكري التي تتمتع به هذه المدينة نراها قد حافظت على أصالتها اليمنية العربية الإسلامية على الرغم من تعرضها لكثير من الهزات السياسية سواء أكانت داخلية أو خارجية, وتعرضها لغزوات أجنبية قادمة من الحبشة وتركيا, حتى أن الكثير من القادة الطامحين يعتبرون أن سقوط مدينة صنعاء بأيديهم يعني إركاع اليمن ليس لأن المدن الأخرى غير موجودة لا بل لأن صنعاء لها أثر بالغ في النفس اليمنية لاستمرار الروح المعنوية النضالية, فأبناؤها معروفون بصفاتهم الوطنية , وبعشقهم لمدينتهم وبطموحهم الكبير للاستمرار بالعيش الآمن والرغيد, وحبهم كذلك لعملهم وإخلاصهم وإبداعهم للعمل الموكل لهم.
لذا نرى أن الكثير من القادة والعلماء والتجار والأساتذة نبغ علمهم بتأثير البيئة في هذه المدينة الجميلة التي أعطت لتلك العقول الأفق الواسع بالبحث والتفكير, وهذا ما يعطي المدينة ويولد فيها القوة والصلابة بوجه أي احتمالات أو أجندات أو مؤامرات وطموحات.
وما تتعرض له هذه المدينة اليوم من عبث وإطلاق القذائف عليها, وإلى الكثير من الانتهاكات الصارخة على أيد خبيثة مسخرة من العصابات المدعومة من جهات سياسية معروفة لدى اليمنيين بشكل واضح لغرض النيل من ثبات مواقف أبنائها الشرفاء المعروفة والمشهود لها بالوطنية وبسبب تمسكهم بالحق , وبنور الحقيقة الراسخة ضد الفتنة والإرهاب .
ما نراه من اعتداءات متكررة على أبنائها وتجرأ بعض الأقزام على هذه المدينة التاريخية سامحين للأيدي الخبيثة بالعبث بتراثها المتكامل ظانين أنهم قادرون على تغيير ما لا يمكن تغييره, لأنهم يعرفون ويجزمون أن وجود هذه المدينة بكامل عافيتها وكامل سلامتها يعني إيقاف كل مخططاتهم الآثمة ودوافعهم وطموحاتهم الرخيصة وتعرضها للفشل.
الحقيقة التي لا يعرفها أولئك العابثون أنهم لم يدرسوا جيدا وضع هذه المدينة ولم يقلبوا بتاريخه ولم يتعظوا بما مر من دروس وعبر بالمدينة وبنفس الحدة إذا لم يكن أشد وأكبر, لكن في النهاية تخرج هذه المدينة من مأساتها قوية معافاة تدوس بقدمها كل تلك الأجندات التي تنتهي بالفشل الذريع .
فهي كالصخرة التي تتحطم على أسفلها وليس قمتها المؤامرات والطموحات غير السوية فلا يظن أولئك الطامحون أن إركاع المدينة هو أمر يهون في ظل بعض الظروف الشاذة التي تمر بها اليمن ككل, والأيام ستكشف لأولئك خطأ تطلعاتهم وفشلهم الذريع في تغيير أي تركيبة في هذه مدينة السواء أكانت ثقافية أو سكانية أو جغرافية أو اجتماعية فصنعاء قد استمرت هكذا ولا يمكن لها أن تقع من عليائها بمجرد أن أحدهم قد تمنى أمرا أراد منه أن يفتت أو يسقط حجرا من بناء هذه المدينة العملاقة التي تصغر بقربها المدن وتتلاشى بقوة جذبها التطلعات.
سنين مضت وأعواما ولت ورحلت وأجسادا هاجرت , وعقول من هنا قد غادرت وأراوح الى بارئها قد ودعت وتلك المدينة مازالت شامخة بكبريائها رائعة بسيرتها راسخة باسمها.
لها هيبة وشموخ لا يعرف معنى للرضوخ فكبرياؤهاعجيب وشموخها غريب و جمالها رهيب و مهيب, في كلö منزل ودار تجد لك حبيب وجار في كل درب وطريق لها جمال وبريق, فكانت رöياضها تحتضن كل من قصدها مöرارا ومöرارا وتحتويه تöكرارا وتöكرارا.
كلما يبدأ الحديث عنك يا صنعاء توقظني ذاكرتي ويعيدني التاريخ معك إلى الوراء ماذا تريدين مني أن أذكر فمنذ أن رأيتك تقصفين لم يعد لدي عقل لأفكر به ولا قلب لأفقه به, فقد أدمعت عيناي وأنا أراك تنزفين أمامي, كادت الحسرات تقتلني من حزني عليك وأنا أرى دموع أبناءك ولقد عز علي أن أراك بذاك المنظر, وتلك الصورة فقد كنت التا