إنهاء التشرذم.. مربط النصر أولا وأخيرا
محمــد محمــد إبراهيـــــم
بصموده الأسطوري أمام طغيان وآلة القتل لعدوان دول التحالف العربي استطاع الشعب اليمني تجاوز جملة من مراحل الخطر التي كان مخططا لها أن تكون محطات إعلان الانهيار الاجتماعي وذهاب ريح سكينة وإيمان قبائله وتماسك أبنائه المصيري ومن ثم الذهاب إلى حيث ذهب العراق -أتون حرب طائفية وثأر عشائري عراقي/ عراقي لا يحمد عقباه ولا تنجح عصور من البناء في إعادة مهابة العراق ودولته ووهجه العروبي- وهو النموذج المعد لإسقاط مخططه على اليمن وفق ما كانت تعيشه مخيلة العدوان السعودي ومن غرر بهم لإبادة اليمنيين وتقويض مقومات دولتهم..
وإذ نقول هذا لا ننكر ما يعانيه اليمن من اقتتال داخلي في عدد من المحافظات لكن ما تقوله الحقائق على الأرض أن صمود وتماسك الجبهة الداخلية في كبرى محافظات الجمهورية إضافة إلى مآلات الأوضاع المأساوية في عدن وتعز وشبوة التي انسحب منها الجيش الوطني الباسل واللجان الشعبية تلبية لدعوات التعقل وإيقاف النزيف الداخلي. غير أن المحافظات المذكورة تحولت إلى رقاع من الموت الجغرافي والانتقامي تتقاسم توزيعه على اليمنيين بمختلف مشاربهم منظومة دولية من التطرف والإرهاب وعدوان وحصار وقصف جوي يحرق الأخضر واليابس ويطال كل طرف سياسي يمني..
إن الوضع الكارثي الذي وصل إليه اليمنيون من تشظ وانقسام وتشرذم وما وصلت إليه اليمن من تضحيات ودمار يستهدف خارطتها حضرا وريفا وبرا وجزرا وسماء. لا زال يتطلب مزيدا من الصمود والتماسك الداخلي أمام أوجاع وعضال وسل الداخل حتى يصل الجميع إلى لحظة الإفاقة الحتمية من وبال التشرذم والانتصار عليه واستعادة نفس التعايش بين مكونات النسيج الاجتماعي اليمني ولا سبيل لنا أولا وأخيرا لننتصر في إيقاف القتل والتنكيل والقصف المعادي سوى سبيل واحد هو إنهاء التشرذم والاتكاء على الشعب كشرعية مطلقة والإيمان بأن لا طرف سياسيا أو قوى قبلية أو دينية قادرة على إدارة البلد وحماية الوطن بشكل منفرد وهذه معادلة تاريخية تكرر ثباتها في مسار الصراعات الحاكمية في اليمن منذ زمن طويل..
ولا يظن عاقل أن الأمور ستظل سائبة أو ذاهبة إلى أبعد مدى من الدمار الداخلي والخذلان الدولي فمجريات العدوان وهجماته البربرية الظالمة في هذه اللحظات الاستثنائية تدفع بالنسيج اليمني الممزق إلى التآلف من جديد حيث تكشف للجميع هدفها الاستراتيجي وإنها تستهدف اليمن بعمقها البشري والتنموي والحضاري ونسيجها الاجتماعي المتآلف والمتعايش عبر التاريخ وإلا منهم الزيود ومنهم الشوافع ومن هم السنة ومنهم الشيعة في اليمن وغيرهم الذين تلهج بذكرهم أبواق الإعلام الخليجي على سبيل رسم صورة ذهنية عن طائفية وهمية من ممكناتها توسيع دائرة الصراع الداخلي.
وكذلك منهم أنصار الله ومنهم أنصار الرئيس السابق علي عبدالله صالح- أتباع حزب الأغلبية الساحقة المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه- وحتى منهم أنصار شرعية العدوان أو رافضوها ومقاوموها ومن هم أنصار الحراك ومنهم المهمشون والمواطنون المستقلون الكادحون ومنهم الأطفال وعابرو السبيل وغيرهم أليسوا جميعهم يمنيون يموتون تحت القصف والعبوات الناسفة ليلا ونهارا على مدى ستة أشهر..
كل هذه الحقائق تسير باليمنيين جميعا مهما اختلفوا إلى صدمة عقلانية حتمية تجعلهم أمام خيارات مصيرية إما أن ينهوا الشتات والتشرذم ويطوون صفحات الانقسام أو يذهبون جميعا إلى محارق العدوان الخارجي والاقتتال الداخلي حتى نجد أنفسنا.. خارج سياق الهوية تتقاسم أرضنا وثروتنا وسيادتنا قوى استعمارية جديدة بفارق أنها عربية خليجية..