واليمن الأبهى في ليل العدوان
لم يكن, ولن يكون بمقدور الأسرة السعودية أن تقدم لليمن أي شيء يمكن أن يمثل إضافة ذات قيمة أو معنى بالنسبة إلى ما حققه النضال الوطني المعاصر لليمنيين من إنجازات ومكاسب, أو بالنسبة إلى ما هو عليه الوضع اليمني العام من تطور حضاري مشهود بالقيم السائدة والمفاهيم المتداولة في المجالين: السياسي والثقافي, ومنها الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان ومكانة المرأة ودورها في كل مجالات الحياة اليومية لليمنيين.
وابتداء , تنازلت الأسرة السعودية عن كهنوت شرعيتها ضد المرأة, فاستقبلت قيادات وناشطات في الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني اللائي دخلن المملكة بدون محرم, للمشاركة الفاعلة في أعمال وأنشطة التجمع السياسي اليمني المتواجد في الرياض وتسميه السعودية “الشرعية اليمنية”, وذلك خلافا للشرط الذي تتمسك به الأسرة السعودية لقبول دخول النساء مملكتها حتى في حالات أداء النساء العمرة وفريضة الحج.
ولعله من باب التصديق المتجدد لبيت الشعر المشهور عن أبي الطيب المتنبي أن يكون “من نكد الدنيا على المرء” في هذه اللحظات المأساوية من تاريخ شعبنا اليمني العظيم ,أن يضطر للتذكير بما هو حقيقة ساطعة في يوميات التاريخ اليمني المعيش لا بما هو تليد من تاريخه المجيد, عل التذكير يحيي في بعض أبناء اليمن ضميرا أماتته أموال السحت أو يعيد لهم ذاكرة وطنية طمستها الأحقاد والأطماع.
وحين نكون في جحيم العدوان السعودي وويلات الاحتراب الأهلي فإن فظائع العدوان وويلات الاقتتال, لن تنسينا يمنا صنعنا أمجاده الحاضرة بالدم والدموع, وبالعرق والإصرار, ليزهو من مكانه على الأرض ومقامه في العصر بكل جليل ومجيد من انجازات النضال الوطني المستمر والمختصرة في مفاهيم راسخة كجبال الوطن العظيم, عن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والإرادة الشعبية القادرة على الانتصار لحقها في العيش الكريم والحرية فوق تراب اليمن وتحت سمائها.
وأيا كانت التشوهات التي حملتها هذه الصورة البهية للجمهورية اليمنية فإنها لم تستطع أن تنال من البهاء الكلي لجمال اليمن الديمقراطي الموحد, ولا أن تنتقص من أمجاده وانجازاته في محيط محكوم بالتخلف الشامل والطغيان المطلق لمفاسد الأسر المالكة, لهذا وبه, كان اليمن وسيبقى في مقام الريادة, سباقا للتجديد, صانعا للتغيير وقائدا للتحولات الحضارية الكبرى من موقعه الموسوم بالشهود الحضاري المدون في الآثار وشهادة هيروديت عن “العربية السعيدة”.
ولعل نظرة عابرة إلى المشهد السياسي الراهن في عاصمة مملكة آل سعود, الرياض, تكشف عن قوة الشهود الحضاري, لليمن في الجزء المعبر عنها تحت مسمى “الشرعية”, حيث تهيمن التعددية السياسية وتعبر عن حق المواطن اليمني في الاختلاف والمعارضة وفي حرية التفكير وعلنية التعبير وتنظيم الممارسة في أحزاب ونقابات ومنظمات مدنية وغير حكومية, وفي هذا, دلالة على أن الشعب اليمني, يتمتع بإرادة حرة قادرة على الانتصار لحقوق المواطنين المشروعة في معارضة سلطة الحكم والمطالبة بالإصلاح والتغيير وإنجازهما سلما أو حربا.
وحين يعايش المواطن العربي في مملكة التخلف والكهنوت للأسرة السعودية, هذا الشهود الحضاري بين اليمنيين الذين طلبوا العدوان وأيدوه, سيجد فيهم ومنهم ما يحق له أن يتمناه اليوم لنفسه ثم يسعى في الغد القريب لإنجازه وتحقيقه كهدف يمكنه من الالتحاق بأشقائه في الركب اليماني, ويتكمن به من التمتع بممارسة كافة حقوقه كإنسان ومواطن في بلد حر وجمهورية ديمقراطية, ولن تكون المرأة العربية في المملكة بعيدة عن التأثر بالصورة التي شاهدتها في شوارع الرياض والمدن الأخرى أو في وسائل الاعلام, لتندفع بكل طموح إلى البحث عن إنسانيتها وحقوقها, والطمع في بلوغ ما بلغته شقيقتها اليمنية, من مكانة ودور, وتمكين من ممارسة حقها السياسي كمواطنه كاملة الحقوق.
و نجزم بكل اليقين المقبول علما وعقلا, بأن السعودية وأسر الملك التابعة لها في جزيرة العرب وخليجهم, لا يملكون ما يقدمونه لليمن في مقام الشهود الحضاري المكتسب بالنضال الوطني المعاصر, بل إن اليمن الفقير الضعيف بمقياس التخمة المتزايدة للبترودولار, هو الأقدر على العطاء الحضاري لهذه الأسر, وبما هو أكبر وأقوى من عطائه المستمر مساهمة في البناء والحياة الاستهلاكية التي تسود مدن الملح في جواره القريب والبعيد.
وإجمالا, فإن المنجزات الحضارية المتحققة للشعب العربي في اليمن, سوف تتعزز وتتعاظم, مهما كانت مآلات ونتائج العدوان السعودي الراهن, وبالصورة التي تزيد من قوة تأثيرها على المحيط الجغراسياسي , والأهم أنها أيضا سوف تترشد بالمآسي والويلات لتتطور نحو الأفضل والأمثل طريقة من قيم ونظم الرقي والتقدم والرشد المؤسسي للنظام السياسي العام.
بهذه الصورة الأبهى للشهود الحضاري اليمني المعاصر, سوف تكون رياح التغيير المتحركة في اليمن ومنه, أقوى عزما وأش