مع رسالة الأستاذ الجليل الدكتور عبدالعزيز المقالح
لا شك بأن رسالة الأستاذ الجليل الدكتور عبدالعزيز المقالح والتي نشرها في يومياته الثلاثاء قبل الماضي لم تكن موجهة إلى القراء فحسب وقد أراد أن تصل إلى أعلى المستويات وكل الشخصيات القيادية السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية والأمنية سواء منها الطبيعية والاعتبارية والعناصر المساعدة لها في كل المواقع وقد اختصر ذلك في عنوان الرسالة بقوله ((إلى كل من يهمه مستقبل الوطن الجريح)) .
لقد تمت قراءة الرسالة في أكثر من مكان كما هي العادة بالنسبة لكتابات الدكتور عبدالعزيز ويبقى السؤال هو هل قرأها من بيدهم الأمر وبعبارته هو (كل الفاعلين من أبناء اليمن في الداخل والخارج) وليس فقط من يهمهم الأمر كما هو شأن اليمنيين جميعا وهمهم المؤرق والشاغل في هذه المرحلة !
لا شك أيضا يلحق بهذا السؤال سؤال ثان مهم وهو هل سوف تتحقق الاستجابة العملية القريبة والعاجلة لما دعي إليه أستاذنا الجليل وطالبت به ودعت إليه الكثير من الكتابات التي يتم نشرها بدون يأس أو ملل في الصحف السيارة وعلى منصات وحسابات التواصل الاجتماعي وبذات النبرة الصادقة والمخلصة والروح الأبية والحزينة والنفس القلقة والصابرة والصامدة والقلم الكليم والمقاوم والعقل المتيقظ والمدرك لكل ما تتربص به الأحقاد والضغائن ضد الشعب والوطن وحاضر ومستقبل اليمن والمصلحة العليا اليمنية التي هي بالنسبة لكل أبناء الوطن عقيدة راسخة وانتماء وثيق ووجود حر ومصان باعتبارها فوق كل المصالح.
وعلى هذا النسق الواضح من التفكير والكتابة أحاول الوفاء بما وعدت به قبل أسبوعين وهو الكتابة حول ما أسميته بالحرب الوطنية الحضارية الأخرى التي يحتاج إليها شعبنا وتنتظرها بلادنا في الظروف العصيبة الراهنة
وهي وحدها دون غيرها القادرة على تحقيق ما هدف إليه أستاذنا الجليل انطلاقا من جوهر التمسك بالقيم والمبادئ العقيدية والوطنية والتي تفرضها الأخوة الإيمانية والمحبة الوطنية والرشد الإنساني من أجل صيانة الأرواح وحقن الدماء وتضميد الجراح وتطبيب النفوس وقبل ذلك كله تثمين وتقدير وإجلال بطولات وفداء الشهداء الأبرار والوفاء لهم وتضحياتهم وإخراج العباد والبلاد من هذه المحنة المتوحشة .
وهنا نقول بكل الأمل والثقة العظيمة في الله عز وجل بأن ما يحتاج إليه الشعب اليمني الأبي الصامد والمجاهد هي ذلك الجهاد الذي أسماه الرسول الأعظم والنبي الخاتم صلى الله عليه وسلم الجهاد الأكبر جهاد النفس وبناء الحياة العامرة بالخير وهو بالمعنى الواسع بالنسبة لبلادنا وشعبنا في هذه المرحلة جهاد التصدي لفتنة الاحتراب الداخلي والموجهة العامة والشاملة من قبل الجميع ضد الأحقاد والضغائن والكراهية والألاعيب والمكائد وكل حالات سوء الظن والسعي بكل العزم والقوة نحو المصالحة الوطنية الشاملة فضلا عن الترفع عن ملاحقة الأوهام ضد بعضنا البعض والإيغال في الإضرار بشعب أبي صابر ومكافح تحمل الكثير من المعاناة والويلات وقدم أعظم التضحيات وفي ذروة وعظمة ما قدم كتائب من الشهداء الأبرار من الرجال والنساء والشباب والأطفال ومن كل الأعمار ومن كل الأسر والأهل في القرى والمناطق والمحافظات !!!
فما الذي يمكن أن تفعله كافة الأطراف في بلادنا للانتصار بحق في هذا الجهاد الإيماني والحضاري والمصيري الحاسم للخروج من براثن الفتنة وتجاوزها بعون الله عز وجل وبشجاعة تحمل المسؤولية الوطنية الخطيرة أمام حقيقة المخاطر التي صارت تدركها جميع الأطراف وتحذر منها !!!
فالحالة الخطيرة التي بلغتها الأوضاع في بلادنا لا تتحمل غير طريق واحد هو طريق التسامح والتصالح وتحقيق السلام والاتفاق على السير قدما من أجل بناء قواعد وجسور التفاهم والقبول الأخوي النبيل والصادق ببعضنا البعض وبناء الوفاق الصادق والجامع على يد وأكتاف الجميع حيث لا بديل لهذا الطريق أبدا سوى الانحدار لما هو أسوأ أو لما هو أخطر وقد يكون أقربها تمزيق الوطن لا قدر الله طالما لم يتوقف الاحتراب الداخلي ولم نقدم كل ما يجب من التنازلات لبعضنا البعض كيمنيين من أجل سلامة وطننا العزيز الغالي والحفاظ على المصلحة العليا للشعب بداية من الكف عن اقتراف الحرمات الإعلامية والمحظورات الأخلاقية والمهنية الناظمة لها ورفض الغلو والشطط والكلمات الخبيثة والهدامة والتي أوصلتنا إلى هذه الحالة المأساوية والمحنة الكارثية المؤسفة والمتوحشة !!!
فلا خيار لنا نحن جميع أبناء اليمن سوى خيار الجنوح للسلم وتحقيق كل ما يجب علينا من أجل تحقيق السلام الذي يصون الأرواح ويحقن الدماء ويكفل كل الحقوق ويصون كرامة الجميع ويعلي راية الوطن ويحافظ على وحدة وأمن واستقرار اليمن .