الأمة العربية الأكثر تضررا من مجلس الأمن الدولي.¿
حتى تاريخ قريب صار اليوم أبعد ما يكون كان لأصغر دولة في الأمم المتحدة سواء في الجمعية العامة أو مجلس الأمن مكانة كبيرة لا يستهان بها. وكانت الحاجة إلى صوتها تعمل له كل الدول والمحاور المتصارعة ألف حساب وحساب… ولكن الوضع اليوم صار شديد الاختلاف بعد أن تقلص دور الجمعية العامة للأمم المتحدة بل تم العمل على الحد من دورها برغم أنها هي وحدها التي تمثل حقيقة المجتمع الدولي وتعبر عن الإرادة الجامعة للبشرية الممثلة فيها إذا صح التعبير !!
ولذلك ترسخ دورها طوال التاريخ الايجابي المعروف للأمم المتحدة كمعبرة عن الضمير الإنساني المتطلع لإحلال الأمن والسلام وتجسيد مبدأ التعايش السلمي في العالم (( البيت الإنساني الصغير )) فضلا عن سعيها نحو حل النزاعات والصراعات في العالم بالطرق السلمية والانتصار لحقوق الإنسان وحرية الشعوب والأمم وتقرير مصيرها ورفض كل صور الحروب البشرية أيا كان نوعها أو شكلها !
وذلك كله أيضا واضح بجلاء في ميثاق الأمم المتحدة والمواثيق والقوانين الدولية التي صارت اليوم تنظم جل الشؤون الإنسانية السياسية والاقتصادية والخدمية عموما بما فيها التربية والتعليم والثقافة والشؤون السكانية والقضائية والعسكرية والشرطية إلخ وصارت لبعض هذه العناوين منظمات متخصصة تعنى بها وتهتم.
نتذكر ذلك اليوم مع مشاعر التهديد التي تكاد تطال ذلكم التاريخ الناصع للأمم المتحدة بسبب صراعات النفوذ والهيمنة في خدمة المصالح الضيقة وبتعبير أوسع اللا أممية وهو ما دفع بالكثيرين للمطالبة باصلاح الأمم المتحدة ومعالجة الاختلالات التي بدأت تكبر في أدائها لدورها الجوهري والإنساني العظيم وخاصة وقد بدا أنه لم يعد هناك أي إعتبار إلا لعدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن دون غيرها مع المبالغة المؤسفة في هذا التعبير !!
بل صارت الأمم المتحدة والتي كانت نصيرة الحقوق والحرية والعدالة الإنسانية وراعية السيادة الدولية والثوابت الحتمية للنظام الدولي الحاكم بمقتضى الشرعية الدولية وظلت لذلك الملاذ الأول للشعوب والأمم المتطلعة للعدالة والإنصاف ورفع الظلم عنها قبل أن تلحقها الانحرافات وتعاني من بعض الاختناقات المشوهة لصورتها لدى البعض وتسير في مهب الانحياز الواضح لسياسات معينة للأسف الشديد!
وإن النظر لقضية واحدة مثل حق الفيتو أو العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي يشعرنا باليأس وفداحة الإحباط من مساعي إصلاح الأمم المتحدة مع سؤال بسيط حول الأسس الجديدة التي يمكن الإحتكام إليها لإعطاء حق الفيتو لأية دولة جديدة أو دول جديدة و خاصة إذا كانت هذه الدولة لم تدفع أي ثمن إيجابي في تاريخها من أجل السلام كما يتغنون ?
فضلا عن تجاهل حقيقة أن الدول الخمس المتمتعة بهذا الحق حتى الآن لا يمكن أن تسمح مطلقا لضيف جديد في مجلس الأمن يحظى بمثل هذه النعمة القدرية الهائلة القيمة والفعالية والتأثير وتلك واحدة من العقبات العصية التي تقف في بداية الطريق المسدودة لإصلاح الأمم المتحدة !
الأمر الذي يخشى معه موت كل الدعوات الرامية لاصلاح الأمم المتحدة من أجل الحفاظ على دورها الذي أشرنا إليه والحفاظ على محتواها الإنساني العظيم المرسوم بعناية كاملة في مواثيقها الأساسية والمبادئ والأهداف التي وجدت من أجلها !!!
نعم لقد حققت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها والمؤسسات الممثلة لها إنجازات عظيمة من أجل الانتصار للمبادئ وللأهداف التي أنشأتها البشرية للعمل من أجلها بعد سطوع فجر إنساني جديد أعقب حربين عالميتين هزتا أهم قارات الأرض و طحنتا الإعمار وصروح البنيان الإنساني فيها وكما لم يحدث من قبل وأهدرت أرواح الملايين من أبنائها وسحقت المقدرات في بلدان بعينها فضلا عن إحراقها لمساحات شاسعة من الأرض الخضراء المثمرة مما تكفي الإشارة إليه فحسب?
فكانت الأمم المتحدة محطة عالية من محطات النجاة والتحصين بعد طوفان تدميري هائل تورطت فيه النوازع الشريرة لدى الإنسان المريض نفسيا. . و المغتر بجنون العظمة وأطماع الاستعلاء والسيطرة…والهيمنة على العالم !!!
لن أطيل في هذا الأمر ولابد أن أصل إلى جوهر ماأستهدفه في هذا المقال وهو أننا نحن في الوطن العربي أشد الأمم في كوكب الأرض تضررا من مجلس الأمن وقد عمل بعض أعضائه ظلما وعدوانا على تعطيل جملة من القرارات العادلة التي اتخذتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة في نصرة الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الشرعية العادلة بسبب الفيتو المتحيز للكيان الصهيوني والفشل في مواجهة أعمال هذا الكيان العدوانية المتكررة على الشعب الفلسطيني والأمة العربية جمعاء برغم توصل الأمة العربية بكامل أقطارها إلى التسليم والاعتراف بكل قرارات الأمم المتحدة في شأن القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتقديمها مبادرة السلام العربية على أساس من قرارات الشرعية الدولية!!!
وما خفي من الأدوار السلبية لمجلس الأمن بسبب صراعا