أثر الزكاة على المجتمع

المال له طبيعة خاصة فهو وسيلة من وسائل الأعمار والاستخلاف,و الزكاة تتصف بالثبات النسبي فمعدلاتها لا تخضع للزيادة ولا للنقصان وان حجم وتنوع وعاء الزكاة واسع بحيث شمل جميع أنواع الدخل كما أن الزكاة لا تهتم بعائد العملية الإنتاجية فقط وإنما تتعداه في كثير من الأحيان إلى رأس المال وهذا يعني بعبارة أخرى أنها تعطي زخما كبيرا توجه ضد الاكتناز ومن شأن ذلك أن يجعل الزكاة تدفع المدخرات والمخزونات النقدية إلى مجال أكثر نشاطا لاقتناص فرص الاستثمار البناءة التطويرية والآمنة الرابحة بأساليب يبنى عليه المستقبل حتى لا تتآكل نتيجة الاقتطاعات الزكوية,وأن هذا الأثر التآكل هو الذي يدفع الأفراد إلى تحريك مخزوناتهم اتهم النقدية من جانب ,والى الأثر ألتوزيعي للزكاة في كونها تسعى إلى استئصال شأفة البطالة ويتبعها تناقص أعداد الفقراء والمساكين ومعالجة الخلل لما لها من أثر في تحقيق التعاون الاجتماعي والتكافل في دلالاته العملية الذي يعني تضامن الأفراد والجماعات بهدف تحسين ظروف خاصة وعامة والارتقاء بالوضع الاجتماعي العام وسيادة الشعور بالقيمة العالية والسامية للعيش المشترك من خلال ربط جبايتها بمصارف انفاقها إضافة إلى الأثر الملموس في إنعاش الاقتصاد وتحقيق التنمية لأن بإمكانها معالجة الخلل والاستحقاقات باعتبارها الحاضن الجيد له ,ما يطور الجهود ويبعثر نتائجها وأثرها على المدى الطويل وهناك أهداف وإجراءات ومدخلات وآليات حريصة في توجه وارتباط عوائد الزكاة لصالح النمو كمظلة تحميها وتشجعها وتنظر إليها كأحد سبل التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة باعتدال بعوامل أساسية ومترابطة هي(محاربة الاكتناز ,دفع الاستثمار, دفع الإنفاق)
وأول ما تسعى إليه الزكاة هو منع اكتناز الأموال وبقائها كموارد ساكنة لا تقدم منفعة حقيقية للاقتصاد والمجتمع ويتضح من هذا المبدأ مثلا عدم إبقاء قطعة ارض لمدة أكثر من ثلاث سنين دون إعمارها ويعد هذا المبدأ أكثر أهمية بالنسبة للأموال السائلة والتي لا يجب أن تبقى مكتنزة وغير مستخدمة وهذا الأمر المتوافق مع أهم المبادئ الاقتصادية المعاصرة والتي تؤكد أن عدم استثمار الأموال من أهم العوامل التي تعيق التنمية الاقتصادية للدولة كون هذه الأموال راكدة لا تدخل عجلة الاقتصاد وبالتالي تقلل من حجم الموارد المحلية وتؤدي إلى مستوى تنموي اقل مما يمكن أن يتحقق لو أن كل الموارد مستغلة ومستخدمة في الاقتصاد ,ومن جانب آخر مفهوم الزكاة يحث ضمنا على استثمار الأموال المكتنزة لأن أموال الزكاة إذا لم تستثمر وتنمى فسوف تتلاشى مع مرور السنين بسبب دفع الزكاة كل عام وبالتالي فمن الأساسيات أن تستثمر الأموال لكي تنمى وتدفع الزكاة من أرباح هذا الاستثمار وليس من أصل رأس المال, وللزكاة دور تمويلي كقروض لذوي الحاجة لأنها مادامت لدى المدينين فإن الزكاة لا تؤدى عنها أما البعد الاقتصادي الثالث المرتبط بالزكاة هو عامل الإنفاق طبقا لمبادئ الاقتصاد الحديث الاستثمار وحده ليس كافيا لتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية أن لم يتواجد السوق الذي يستوعب شراء المنتجات والسلع والخدمات عن هذه الاستثمارات فالعلاقة مترابطة بين الاستثمار والإنفاق فتخفيض الإنفاق يؤثر على السوق ويقلل من قدراته على استيعاب المنتجات والخدمات مما يجعل الكثيرين غير راغبين في أن يجازفوا بأموالهم في استثمارات جديدة ولو نظرنا إلى مبدا الإنفاق فهو يساعد على تداول الأموال مما يؤدي إلى زيادة الطلب الكلي في الأسواق وإنعاشها, ومتطلباته غير مختلفة واضحة فكلما زاد الطلب زاد الإنتاج والعرض تبعا وفي ظل مجتمع يتزايد فيه عدد الفقراء والمحتاجين الذين ليس لديهم قوة شرائية فإن الطلب ينخفض فإذا جاءت الزكاة وفرت لهم دخلا مناسبا ويصبح لديهم سيولة نقدية يدخلون بها إلى السوق لشراء ما يحتاجونه من سلع وخدمات وعادة ما تكون ضرورية مثل الغذاء والملابس وغيرة وبالتالي يزداد الطلب وتوجه الموارد لإنتاج واستيراد مثل تلك السلع الضرورية والتي تخدم ويستفيد منها اكبر قطاع في المجتمع ,وفي نفس الوقت تعمل الزكاة على علاج مشكلة الفقر الذي ينعكس أثره على العمالة فزيادة الطلب الكلي نتيجة دفع الزكاة يؤدي إلى زيادة الإنتاج والتشغيل وبالتالي يزيد الطلب على العمالة ,وما لو لم توجد الزكاة فإن المال سيظل مجمدا ولا يوجه للإنفاق وفي المجمل يتضح أن الأموال لايجب أن تكنز وان أموال الزكاة يجب أن تستخدم في مصارف استثمارية واستهلاكية في آن واحد لكي تحقق أثرها في كل المجالات والأنشطة الاقتصادية ليرتقي في الحاضر والمستقبل وتصبح مؤشرا لكونها لا تخلو من أسس تضمن الدوام والاستمرار للتنمية .
باحث بوزارة المالية

قد يعجبك ايضا