عبدالله بن المبارك
عبدالله بن المبارك من أشهر الزهاد والعباد من القرون الأولى وقد كان ميسورا وكان يحج عاما ويغزو في سبيل الله عاما.
له من القصص المشتهرة بين الناس الكثير ولعل أشهرها قصته مع أرملة جاءت بعد ارتحال الموكب الذي كان هو فيه في طريق الحج وأخذت دجاجة ميتة وأخفتها وكان ينظر إليها وقد علم بالسؤال أنها مضطرة لأن لديها أطفال لا تجد ما تقيتهم به فألغى رحلة الحج ودفع إليها بكل النفقة التي ادخرها لها وتنتهي الرواية بأن كل الناس شهدوه في الحج وفي كل المناسك فعلم فيما بعد أن الله قد أقام ملكا من ملائكته يحج عنه.
وقصصه كثيرة في مجال الخير والتقوى غير أن ما شد نظري من أقاصيص هذا الولي الصالح حادثة أخرى لم تزل ماثلة في ذاكرتي منذ قرأتها قبل عقود وهي أنه في ليلة كان مع أحد إخوانه مرابطين في أحد الثغور وكانا صائمين قائمين مرابطين في سبيل الله فلعله أحس من أخيه شعورا بالتميز على من عداهما من الناس في تلك الحالة فقال له: هل تجد أحدا من المسلمين أفضل منا حالا في هذه الساعة¿
قال له صاحبه: ومن تراه أفضل منا وقد قضينا يومنا في الصيام وليلنا في القيام ونحن مع ذلك مرابطان في سبيل الله نحرس ثغور الإسلام¿
قال له عبد الله بن المبارك: بل هناك من هو خير منا. قال له صاحبه: ومن عساه يكون¿
قال: أفضل منا رجل ذو عيال من عامة المسلمين قام في الليل فرأى أطفاله الصغار قد تكشفوا فسترهم ثم عاد لنومه.
سبحان الله.. هذا القول لا يمكن أن يقوله ولي من أولياء الله إلا عن كشف صريح أو علم صحيح وهو من علوم الولاية ومكاشفاتها ومن خلالها نعلم أن هناك أشياء لا يؤبه بها ترفع العبد مقامات لا يدري كيف بلغها والعكس بالعكس وسبحان الله الذي لا يظلم عنده أحد إذا صدقت النية.