هل يتجاوز جنيف أفخاخ الرياض¿
د. أحمد صالح النهمي
يرقب اليمنيون ومعهم كثير من أحرار العالم وشرفاء الإنسانية مؤتمر جنيف المزمع انعقاده بين أطراف الصراع السياسي في اليمن في الرابع عشر من يونيو الجاري بدعوة من الأمم المتحدة بعين ملؤها التفاؤل في نجاح هذا المؤتمر وقدرته على إيقاف الحرب العدوانية ورفع الحصار الجائر على اليمن.
مصدر هذا التفاؤل يعود إلى أن مؤتمر جنيف ينعقد برعاية الأمم المتحدة وإشرافها المباشر بعيدا عن تدخلات دول العدوان الإجرامي ودون شروط مسبقة وفي ظل اهتمام دولي حريص على نجاحه.
بيد أن كثيرا من المراقبين للشأن اليمني لا يخفون تخوفاتهم من سعي المملكة العربية السعودية إلى محاولة إفشال المؤتمر وعرقلة مساراته في التوصل إلى حلول تعيد لليمن أمنه واستقراره وذلك عبر أدواتها التي تهيمن عليها ممثلة في مجموعة (هادي وبحاح وحزب الإصلاح ومن يدور في فلكهم) فقد استطاعت من خلال هذه الأدوات أن تعرقل حوارات اليمنيين في الموفبيك بصنعاء بعد أن كانوا قاب قوسين أو أدنى من نجاح الحوار الذي استمر تسعة أسابيع متواصلة ولم يبق سوى اللمسات الأخيرة للاتفاق كما أوضح ذلك المبعوث الأممي السابق جمال بن عمر في إحاطته الأخيرة التي ألقاها أمام مجلس الأمن فسارعت المملكة ومعها بعض دول الارتزاق إلى شن حرب عدوانية على الشعب اليمني تفوقت جرائمها في هذه الحرب على جرائم الكيان الصهيوني وأبدت خلالها كل صور الرذائل الإنسانية والتوحش البشري .
ومن خلال هذه الأدوات التي تعمل على احتوائها ورعايتها سعت المملكة إلى إجهاض انعقاد مؤتمر جنيف الذي دعا إليه الأمين العام للأمم المتحدة وحدد زمن انعقاده بتاريخ 28 مايو الماضي .
لقد أدرك العالم متأخرا بعد أكثر من 75 يوما من العدوان السعودي المتواصل على الشعب اليمني فشل المملكة وهزيمتها المدوية في فرض الحل العسكري الذي أرادت من خلاله أن تتحكم في المشهد السياسي اليمني وتحدد أجندة حواراته ومخرجاتها.
الواقع الميداني على الأرض مثلما يشير إلى هزيمة المملكة وفشل أدواتها في الداخل في تحقيق أية إنجاز استراتيجي يمكن أن يحسب لها ويعزز من موقفها في الحوار الجينيفي فإنه يشير إلى التقدم المستمر والانتصارات المتلاحقة التي استطاع الجيش اليمني مسنودا باللجان الشعبية أن يحققها سواء في الداخل اليمني جنوبا وشمالا أو في معاركه على الحدود السعودية وهو الأمر الذي سيعزز من موقفهم في التحاور والمفاوضات القادمة .
يتمنى اليمنيون بمختلف أطيافهم من الأطراف المتحاورة في هذا المؤتمر أن تتحمل مسئوليتها التاريخية والوطنية في الانتصار للوطن وإنقاذه من ويلات الحرب ومهالك الحصار ومهاوي التشظي والانقسامات الداخلية وتحقق أهدافهم التي ناضلوا من أجلها وقدموا في سبيلها ضرائب باهظة من حياة أبنائهم وضرورات حياتهم .
ولعل من أهم ما ينشده اليمنيون بعد هذه التضحيات العظيمة التي قدموها هو أن يراعي هذا المؤتمر في مخرجاته ما تم الاتفاق عليه بين اليمنيين في المرحلة السابقة ابتداء من مخرجات الحوار اليمني بعد إصلاح الخلل في آليتها التنفيذية واتفاقية السلم والشراكة وملحقها الأمني الخاص وصولا إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية والاستفتاء على مشروع الدستور اليمني بالتوازي مع تحرير اليمن من كل أشكال الوصاية الخارجية ليصبح اليمن هو سيد نفسه ومالك قراره وأن علاقته مع الأطراف الدولية والأقليمية يجب أن تتسم بالندية والمصالح المشروعة.
وأن تتضمن وثيقة إيقاف الحرب العدوانية عليهم ورفع الحصار الجائر حق اليمنيين في مقاضاة كل من شارك في العدوان ومحاكمتهم كمجرمي حرب عدوانية ضد الإنسانية.