مولود ميöت

في عام 1966 م وفي ذروة مؤامراتها السوداء على ثورة  وجمهورية 26 سبتمبر دعت حكومة المملكة العربية السعودية الى عقد مؤتمر في مدينة  الطائف تشارك فيه كافة الأطراف المتصارعة آنذاك لوضع حل سياسي لما أسمته (الأزمة اليمنية ) بعد أن فشلت مراهنات نظام آل سعود على عقد مؤتمرات انشقاقية مماثلة في داخل الأراضي اليمنية من خلال الفرع اليمني لتنظيم الإخوان المسلمين ومشائخ آل الأحمر على نحو ما حدث في مؤتمرات حرض وعمران وخمر خلال الفترة 1964 ـــ 1965م !!¿¿
   كان الصراع يدور بصورة أساسية بين الجمهوريين الذين تدعمهم مصر عبدالناصر والملكيين الذين تدعمهم السعودية وبريطانيا بالمال والسلاح والإعلام والمرتزقة الأجانب .
  نجح النظام السعودي آنذاك في شق الصف الجمهوري من خلال شراء بعض الذمم وقتل بعض الضمائر بالأموال والذهب حيث تم الإعلان عن إنشاء ما سميت حينها ( القوة الثالثة ) وكانت هذه القوة تضم شخصيات (جمهورية ) تقف في منزلة بين منزلتين !!! .
   انعقد مؤتمر الطائف عام 1966 برعاية سعودية وتمويل سعودي وأجندة سعودية 100 ? وبمشاركة يمنية ملتبسة ومشوهة 100 ?  أيضا ولذلك كان طبيعيا جدا أن يلد ذلك المؤتمر جنينا مشوها 100 ? لفظ أنفاسه الأخيرة في لحظة ولادته .
   لم يكن سبب وفاة المولود المشوه لمؤتمر الطائف 1966م يعود ــ فقط ــ الى انعقاده في أراضي الدولة المعادية التي كانت تمول وتقود حربا معادية لثورة وجمهورية 26 سبتمبر 1962م وتستقطب وتمول المرتزقة الأجانب من مختلف أنحاء العالم للقتال في اليمن من أجل اسقاط الثورة والجمهورية بل إن السبب الرئيسي لفشل مؤتمر الطائف يعود الى السلوك الانتهازي  لمن أسموهم آنذاك ( الجمهوريين المنشقين ) الذين ذهبوا الى الطائف ولم يكن مطلوبا منهم سوى تمرير الأجندة السعودية المعادية للثورة والنظام الجمهوري مقابل أكياس جلدية أنيقة ومملوءة بالنقود والذهب تم توزيعها على كل مشارك في مؤتمر الطائف بعد توقيعهم على ما أسموه في الجلسة الختامية لذلك المؤتمر الأسود (إعلان الطائف) .
   كان الملكيون في ذلك المؤتمر يطالبون بالعودة الى ما أسموها (الشرعية) وإنهاء ما أسموه ( الانقلاب على الشرعية ) في إشارة الى ثورة 26 سبتمبر في ما كان القائد الثوري عبدالله السلال يخطب أمام آلاف المواطنين في ميدان التحرير في العاصمة صنعاء منددا بانعقاد مؤتمر الطائف والمشاركين فيه من ( الجمهوريين) الذين وصفهم السلال بأنهم يشبهون ( يهوذا الذي باع المسيح عليه السلام بثلاثين من الفضة ) .
كان السلال قويا ومتماسكا في ذلك الخطاب التاريخي الذي احتفظ بتسجيل صوتي له وخاطب الجماهير الغاضبة التي احتشدت في ميدان التحرير احتجاجا على مشاركة بعض ( الجمهوريين ) في مؤتمر الطائف بأقوى العبارات التي جسدت ثقته ويقينه بفشل ذلك المؤتمر .
   ولعل أهم ما قرأه السلال في أجندة ( مؤتمر الطائف ) أثناء انعقاده عام 1966م هو أن هدفه الرئيسي ـــ بعد فشل الحرب السعودية المعادية لثورة 26 سبتمبر في اسقاط النظام الجمهوري الجديد ـــ كان يستهدف الاتفاق مع الذين تهافتوا على مدينة الطائف من ( الجمهوريين المنشقين ) على صيغة ملتبسة ومموهة تقضي بتغيير النظام الجمهوري وعدم العودة الى النظام الملكي من خلال الانتقال الى نظام سياسي غامض ومموه يتمثل في الدعوة الى إقامة ( الدولة الاسلامية )  وبناء  نظام سياسي لا ملكي  ولا جمهوري !!¿¿ .
   ولذلك رفع السلال في خطابه الثوري أمام التظاهرة الشعبية المناهضة لمؤتمر الطائف الرجعي شعار (الجمهورية أو الموت) والذي تكرر مرة أخرى أثناء حصار صنعاء أوائل 1968م بعد شهرين من الانقلاب الرجعي على الرئيس عبدالله السلال أثناء زيارة رسمية كان يقوم بها للعاصمة العراقية بغداد في 5 نوفمبر 1967م .
   انتهى مؤتمر الطائف بعد أن ولد ميتا عام 1966م . ولم تكن السعودية هي الخاسر الوحيد بفشل ذلك المؤتمر لأن ( الجمهوريين ) المنشقين كانوا الخاسر الأكبر حيث ظلت مشاركتهم في ذلك المؤتمر ـــ رغم اعتذار معظمهم عن تلك الخطيئة التي ارتكبوها ـــ نقطة عار في تاريخهم السياسي .
   بعد خمسين عاما تحاول المملكة العربية السعودية إعادة إنتاج مؤتمر الطائف 1966 في ظروف مختلفة ولكنها لا تخرج عن السياق التآمري للعدو السعودي الذي يستهدف إضعاف اليمن ومصادرة سيادته وقراره الوطني المستقل وإخضاعه لهيمنة نظام آل سعود .!!
   نعم بعد خمسين عاما من التآمر .. وخمسين يوما من العدوان السعودي المتوحش على اليمن أرضا وشعبا وجدت السعودية نفسها تعيد إنتاج الفشل الذي كان مصيرا محتوما لمؤتمر الطائف بعد أن ولد ميتا عام 1966م وتعيد ـــ في الوقت نفسه ـــ إنتاج نخبة أخرى انتها

قد يعجبك ايضا