كبرياء الأسد الجريح

أضحى النظام السعودي فاقدا لمفردات اللعبة السياسية ويتعامل بجنون المترف المتغطرس الذي يتوهم أن المال قادر على صنع المستحيلات وتفاجأ بواقع لم يكن في حسبانه قط, ولم يدر في خلده فالأسد الجريح الرابض فوق سهول ووهاد اليمن يكابر على البقاء ويصر على عدم الاستسلام رغم كل آلات الدمار والموت والقنابل العنقودية والصواريخ وكل الطلعات الجوية التي بلغت رقما قياسيا لم تبلغه أي حرب, في التأريخ منذ بدء اختراع الطائرات ودخولها في منظومة الحروب, إذ يجمع العسكريون على أن الطلعات الجوية لا يمكن لها أن تتجاوز سقفا زمنيا مقدرا بـ”48″ ساعة, كما أن تكثيف الطلعات على محددة جغرافية بعينها إلى درجة أن تصل إلى (150) طلعة أو تزيد دليل حالة هستيرية ونزوات غير قادرة على تقبل الحقائق وحماقات مترف بلغ به الغرور مبلغا قد تصل به إلى العقدة الفرعونية وهي عقدة تجلت في مظاهر الحقد والغرور الذي كان مسكوبا على محافظة صعدة والشريط الحدودي لمحافظة حجة ومثل تلك الحماقات قد تسطر بدماء الأطفال والشيوخ الركع والنساء القابعات في خدورهن نهايات آل سعود الذين تمادى طغيانهم وزاد بغيهم وتجاوزوا حدود الله وأخلاقيات الحروب وتجاوزوا كل المواثيق والعهود القوانين الإنسانية ليقدموا للعالم نموذجهم الذي ظل متواريا تحت البهرج الإعلامي وفتاوى علماء قرن الشيطان أرباب الفتنة والداعين إليها كما دل على ذلك الأثر النبوي الشريف .
لقد كشف العدوان السعودي على اليمن سوأة النظام العالمي الذي يتشدق بالديمقراطية والقيم والمبادئ الإنسانية وربما كانت وظيفة العدوان مزدوجة جاءت لتكشف سوأة آل سعود ونظامهم وبراجماتية النظام العالمي الذي يشاهد الحصار والدمار والحالة العدوانية التي عليها السعودية ولم يتحرك ضميره الإنساني ولا ضميره الأخلاقي أمام آلاف المشاهد التي تدمي القلوب وهي بين الركام وتحت الأنقاض وظل يداهن السعودية طمعا في منافعه منها وفي أموالها التي تنهال كالأمزان على كل من هب ودب منذ بدء العدوان, وفي مقابل كل ذلك الجبروت والصلف والعدوانية والدمار ما تزال كبرياء الأسد الجريح اليمني الحميري تقاوم في صمود أثار دهشة العالم ذلك الطغيان والعدوان والبغي فالقضية تجاوزت المظاهر المادية وأسباب الحياة العصرية ومقوماتها من البنى الإنمائية المختلفة التي يستهدفها العدوان السعودي لتلامس وجدان الإنسان اليمني ومروءته ونخوته وشهامته وكبرياءه ولذلك سيظل العدوان يصر على إذلال الذات اليمنية وسيظل الإنسان اليمني عصيا على الانكسار وعصيا على الفناء وسيكون عنصرا في الكينونة على الخارطة في المستقبل في حين سيذهب الباغون إلى زبالة التاريخ لأنهم كتبوا نهاياتهم بدماء الأبرياء من أهل اليمن.
لم يسجل لنا التاريخ في صفحاته أن عدوانا بمثل وحشية العدوان السعودي ظل كحالة فاعلة ومتفاعلة في معادلة الحياة السياسية والاجتماعية بل تحدث التاريخ عن فناء الباغين وأهل العدوان, وقال القرآن في جل آياته وسوره بالعبرة والعظة من أهل البغي والظلم والترف بل وأورد نماذج منهم في نصوصه حتى تكون معيارا موضوعيا يمكن القياس عليها في الامتثال والانحراف بيد أن الذين ختم الله على قلوبهم غشاوة من أهل نجد لا يكادون يبصرون ولا يتعظون ولا يميزون بين الحالات الامتثالية والحالات الانحرافية في سلوك ساساتها, وقد يعلو الران على قلوبهم فتصبح صماء صلداء لا تحس ولا تشعر ولا تعقل ولذلك نرى أن أولئك القوم من أبناء الأعراب والصحراء كانوا سببا مباشرا في تعطيل الروح المثلى للإسلام والقيمة الأخلاقية له, بل عملوا ما وسعهم الجهد وتحت غطاء المبررات الواهية على النيل من الإسلام وتشويه صورته أمام العالم فكل الذي أصبح عالقا في أذهان الناس هو الأشلاء وآثار الدمار والرؤوس المقطوعة وحالات الإبادة الجماعية التي تمارسها الجماعات الإرهابية والموقف السلبي من المظاهر الحضارية العصرية والتقنية وتوظيف كل المظاهر الحديثة توظيفا قاتلا ومدمرا, فالعالم لا يرى في الإسلام إلا تلك الصورة التي عملت الجماعات الإرهابية المدعومة من نظام آل سعود على تكريسها في وجدان الإنسان العالمي لقد هدم آل سعود الإسلام من داخله وعملوا جاهدين على تشويه صورته, وكشف عدوانهم على اليمن حالات الفراغ والاغتراب الزماني, وقال للناس جمعاء من عرب وعجم إنه نظام رجعي متخلف شكل على مدى قرن من الزمان حركة معيقة لعوامل النهضة عند العرب والمسلمين.
فهل يخرج مارد النهضة من تحت الركام في اليمن¿ ذلك ما تقول به الرموز والإشارات التي تبعثها تداعيات العدوان على اليمن.

قد يعجبك ايضا