اليوم العالمي للشعر ووظائف الشعر الهلامية

 من المستحيل ان تخلو حياة شعب من الشعوب من الشاعرية.. وهي حساسية بالغة لا يكون مركز انبثاقها الشعور فحسب.. وانما الحلقات الذاتية العميقة التي غالبا ما تتموضع في الوجدان وتستعر فيه.. فالحياة الخالية من الشاعرية هي موت مجاني.. تتحرك وتتهادى في اقبيتها أو قنواتها وعلى سطحها الهياكل الآدمية.. أو تتضارع خارج معنى الروح التي قد تظنها متوفرة في بشر ما حولك.. أو أمام عينك أو في الحياة معك تحسبهم أحياء.. وهم النماذج البائسة المفرغة عن حقيقة نبض الحياة ولكنها تصوير لماهية الموت التي يمكن ان تتجسد خارج التابوت أو القبر.. ويبدو ان المبالغة في رصف مثل الكلمات أو العبارات السابقة مطلوبة عند الحديث عن فن من الفنون الإبداعية العميقة الكمون في نبض الحياة الحقة التي جعلت للإنسان قيمة وجودية بالغة الخصوبة بالقياس لكل اشكال الحياة الأخرى.. فالإنسان حيوان شاعر.. قد لا يكتب الشعر ولكنه يحيا به الصورة الراقية من اشكال الحياة المتوافرة على انواع لا تحصى منها في هذا الملكوت.. مما عرفناه.. ولابد سيعرفه من سوف يأتون بعدنا في مطبعة الديمومة المتجددة وعلى امتداد حقول الزمن وتطور الحضانات التي لا يمكن ان تضيق بتراكماتها ومتغيراتها الأمكنة.. وإن بدت متقاربة الأبعاد!! لأن في الأخيلة التي تقدح زناد الشعر.. وتطلق مفاتيح الأسرار والقدرات وتحث على إقحام المجهول واللامرئي.. احتمالات أخرى يتعين حسن الظن بها وهو مالا يتأتى بغير الشاعرية في البنية التكونية الانسانية!! ولاشك أن تلك ليست وحدها الوظيفة السرمدية للشعر وإبداع الشاعر.. إن الشعر إبداع متميز لا يمكن أن يوجد إبداع آخر يقوم مقامه.. أو يؤدي ذات الوظيفة نيابة عنه وهو ليس في معركة تنافسية مع أي ابداع آخر حتى الموسيقى وهو القدر الغالب حتما في كل الاوقات ومع كل الأسماع.. وفي كل الحالات لدى المتلقين على اختلاف ألوانهم وأذواقهم وهياكلهم ولغاتهم وثقافاتهم.. وفي جزء هام من هذه الخاصة ولكنه لولا الشعر والشاعرية لما كانت هناك الموسيقى ولا تمت عملية التمثل والاستيعاب للموسيقى. إن الشعر روح في الموسيقى.. كما ان الموسيقى نبض في جسد الشعر- أما روح الشعر فهي في الوظيفة التي يؤديها في الحياة الانسانية.. إنها النتيجة او الاثمار وهذا تميز آخر للشعر في كينونته.. وان روحه في الفيض الذي يتدفق منه في كل السواقي والمشارب والاعتمالات ولذلك يبقى الشعر خارج جسد النص روحا لامتناهية الآفاق!! وعظمة الشعر أنه لا يهادن في أداء وظيفته الوجودية وفي اتجاه المستقبل وذلك عندما يطلق البشارات ويخترق الآتي في عملية استكشاف تحقق السبر المراد لمن اراد أن يثب ويتقدم في جبلة الصيرورة.. ويثق بأن المخيلة لا تسرف ولا تضيع الوقت.. لأن الصلة المستقبلية هي أبدا محاولة لامتلاك مايدل عليه الأثمن في توهج الحاضر فضلا عن ترجمة القصد المطوح نحو أفياء البلوغ!! كما ان الشعر لا يحرث في الفراغ عندما يعمل على حرث الذاكرة واستنباط الدروس الدقيقة التي لا يدركها سواه في ايماظات ذهنية وحسية بالغة الدلالة والقيمة- كأنه تنقيب واستثمار في مخابئ الكنوز الأزلية واستخراج مايفيد منها مما يصلح لكل وقت.. ويخدم كل غاية.. ويوظف في دحرجة عجلة التقدم نحو المستقبل حيث لا تبقى طبعة الماضي في لوحة الوراء ولكنها تتجلى في هيأة متغيرة في كينونة الاحتمان وصنع الآتي التي تحبل بها حقول القادم في المغانم الروحية والابداعية المتجددة التي لم تنطفئ مطلقا أو يخفت ضياؤها المستكن في قدر ملكية وتصرف الأحياء في كل الأجيال.. كما هو بالنسبة للحاضر ولكل راهن توالى أو ما يزال إنه يعين على رؤية الجذور العميقة والأصيلة وحقيقة البذور.. والجذوع الواعدة ويعين ايضا على تنمية مقدرات الاعتناء بالوجود من أجل الوصول للثمرة المتأججة في معمعة الحلم.. فهو في أداء هذه الوظيفة أشبه بالنسيج الذي يتولى بل ويشكل العلاقة المفصلية البالغة الخطورة في الراهن بالماضي وبالآتي في أكناف المستقبل.. جسد لكل اللحظات واحتفال بصورة ما بالغة الانسانية بجميع الأبعاد.. وبالذاكرة المتوهجة في جمجمة الإنسان وعقله وربما أحشائه كما بالنسبة لوجدانه.. وكما في ضميره.. على حد سواء والوظيفة الثالثة للشعر أنه زناد قدح أوار الحلم أو أنه ظل الحلم.. أو أن الحلم هو ظل الشعر.. فالأحلام التي نراها مجسدة في الشعر هي الحقائق التي يتعين علينا أن نعيشها في الواقع أو إن نراها قريبا أو على التو في الحياة المعاشة وفي خضم العشق والحب والوصل والإبداع والنماء والازدهار.. ودرس الأحلام الغاية والبعيدة هي أكثر ما تكون حاجة الشعر جميل وأصيل يجلو صورتها.. ويقرب افتراع لحظات الاكتمال بها بل ويغري ويحرض على الاستماتة من أجل الحياة فيها وبها. ولذلك كان وبقى الشعر ليس مجرد سجل وديوان للحياة كما في المراحل البدائية الدراسية.. وإنما مرجلا أبديا يضاهي فعل الخلق ان لم يكن من دلائل الإصرار البشري على اجتراح أعتى واروع صور الوجود.. باعتباره فيض العزيمة ال

قد يعجبك ايضا