“أزمة وعدت” أم أزمة ولا زالت¿
نجح الفن في أن يكون وسيلة لتصوير الواقع والتعبير عن معاناة الإنسان. (أزمة وعدت) و(أزمة ولا زالت) نصان شعريان غنائيان جاءآ في ظرف سياسي إبان الصراع السياسي في الجنوب بين الفرقاء والإخوة الأعداء الذين لم يتفقوا يوما إلا ليختلفوا ويحتربوا منذ ثورة 14 أكتوبر حتى تحقيق الوحدة اليمنية ولم نشهد بوادر لانفراج حقيقي يسعى لبناء دولة خالية من الصراع تتجه نحو البناء والتعمير والعدالة والمساواة كباقي دول العالم المستقر المتطور.
الحروب بين الإخوة تترك في النفوس جراحا لا تندمل حتى بعد تصالحهم ولكن الحريص على بقاء الأخوة واستمرارها هو من يستأصل هذه الجراح وينتصر على كل ما يثيرها ويوسوس بها سواء من النفس أو من خارجها في الوطن أو الخارج لأن مصلحتنا جميعا في التسامح والتصالح مهما كان حجم الدماء التي أريقت فطالما أن الجميع قد عادوا إلى طاولة الحوار للحل وأي سلوك يصدر ليعيد المشكلة مرة أخرى إلى مبتدئها فكأنه يريد إلا أن يشعل فتيل حرب جديدة وهذا ما لا يجب أن يقبل به اليمنيون الذين سيتضررون منها.
لم يتقبل اليمني وصف الحراك الجنوبي للنظام السياسي الحاكم في اليمن بعد حرب صيف 94م بأنه احتلال فكيف يتقبل اليوم أن يوصف ما حدث في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات المجاورة بعد 21 سبتمبر بأنه احتلال¿! كيف يتقبل عقل أن يكون اليمنيون محتلين لبلادهم¿! لنأخذ الأمر بشيء من العقل والحكمة والإنصاف.
هل اللجوء إلى عدن سيحل المشكلة¿ أو أنه سيزيدها تعقيدا ويطيل أمدها¿ بغض النظر عن الجهات والأطراف التي فكرت في ذلك للوصول إلى الحل أو للتحضير للمواجهة!
ثورة 2011م غير شرعية لأنها قامت على رئيس منتخب ولذا فقد شرعت لإمكانية قيام ثورة على أي رئيس منتخب قادم طالما أن العملية تعتمد على حشد الجماهير فمن يستطيع حشد الجماهير صار بيده الحق في الثورة.
وسوف يكون هذا هو منطق الديموقراطيات العربية التي لا تنصاع لدستور مكتوب أو عرف أو اتفاق وسترينا الأيام ما كنا نجهل.
كان ينبغي لثورة 2011م أن تحدث تغييرا شاملا فتسقط مع الرئيس النظام بكل مؤسساته حتى الدستورية منها ولكنها ثورة لم تكتمل لأنها لم تكن من أجل الثورة بل من أجل الوصول إلى السلطة وحسب وما يحدث اليوم ما هو إلا اكتمال لنمو الوليد الخديج فليتحمل جميع اليمنيين مسؤوليتهم لتربيته ورعايته ويبدو أن أي محاولة للقفز على الواقع تحت أي مسمى ما هو إلا جر البلاد إلى مصير مجهول.
في السياسة لا يمكن اللجوء إلى التعنت والإقصاء ولذا فلا حل غير التوافق وأرى أن اليمنيين أقدر إلى الوصول إلى هذا الحل.
أحسب أن هذه هي رؤية العقلاء في الشأن اليمني العقلاء ممن ليس لهم أي ارتباط أو ولاء من قريب أو بعيد لطرف من أطراف الصراع السياسي أو الأزمة في اليمن.