لا خير فيكم إن لم تقولوها
دعبد الله الفضلي
لماذا لا نقول للشعب اليمني الحقيقة الغائبة التي نتوارى خلفها ونحجب عن الشعب الأهداف التي نتصارع من ورائها ¿ ولماذا لا نقولها للشعب صراحة حتى يرتاح وماذا نريد وماذا نخطط وماذا نضمر في نفوسنا وماذا نعلن وماذا نخفي في عقولنا الباطلة . ورغم كل ماجرى ويجري من تداعيات خطيرة فلم نقل خيرا أو نصمت بل نظل نفسر ونشرح ونؤل ونراوغ ونسوف ونخادع ونماطل ونختلق الأزمات والمشكلات ولكن دون قول الحقيقة . فلاخير فيكم أيها المتصارعون إن لم تقولوا الحقيقة للشعب ماذا تريدون من هذا الشعب وما هو دوره في هذا الصدد وما هو الهدف النهائي والتحديات وكل هذا العذاب الذي نعيشه ونتجرعه كل يوم في ظل تفاقم المشكلات والأزمات إلى الأسوأ والبلاد تنهار في كل يوم طالما كل فريق وكل فصيل يتمترس خلف أوهام وشعارات وأجندات وتجاذبات وتقاطعات في الآراء والتوجهات والمصالح وكل يدعي أنه حريص على مصلحة الشعب وعلى بناء دولته المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية ولكن ما يجري وما يخطط لهذا الشعب هو أكبر مما نتصور أو نتخيل فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية في هذا الشعب تزداد حدة وتزداد معاناة الناس وكل يوم يمر وهم في شأن فمرة يعانون من اختفاء الديزل ومرة أخرى يعانون من اختفاء البترول وتارة أخرى يعانون من أزمة الغاز الخانقة المفتعلة.
وهكذا لا نكاد نخرج من نفق مظلم حتى نلج في نفق آخر أشد ظلاما وعتمة. فكل مشروعات الدولة قد توقفت والأيدي العاملة قد تشردت وفقدت مصدر رزقها والبنية التحتية للوطن بدأت تتآكل وتدمر وتنهار كالطرق العامة بين المحافظات والكهرباء والمياه والخدمات الطبية والصحية والعملية التعليمية وانهيار التعليم الجامعي وانهيار الاستثمارات التي أوشكت على التوقف .. فأين سيذهب العاملون وأين سيعملون وأين سيشتغلون طالما باتت أبواب الرزق موصدة في وجه الجميع ولدينا خريجون بعشرات الآلاف من الذكور والإناث لم يجدوا أية فرصة عمل واحدة في ظل منع التوظيف وانعدام المشروعات والاستثمارات. كل ذلك يحصل ويجري وقادة الصراع السياسي يتنافسون على اقتسام البلاد وثرواتها والعاطلون عن العمل يتسكعون في الشوارع وفي مجالس القات وتتبخر أحلامهم وليس لهم من حل إلا الالتحاق بالقاعدة أو العمل على الدراجات النارية أو احتراف البلطجة وتشكيل عصابات مسلحة للسرقة والنهب والتقطع والنشل في الأسواق والقوى المتصارعة بعيدة كل البعد عن هذه الحقائق ولا يعلمون أن انحراف الشباب ذكورا وإناثا قد تزداد تفاقما في كل المحافظات نتيجة لانشغال المتصارعين على الحكم والثروة عن مشاكل هؤلاء الشباب وانعدام فرص العمل ومنع التوظيف واستيعاب هؤلاء الخريجين المتعطشين للعمل وبناء مستقبلهم في ظل هروب رؤوس الأموال والمستثمرين من البلاد وتوقف الموارد السياحية وإغلاق معظم أماكن السياحة وعزوف معظم سياح العالم عن الوصول إلى اليمن خوفا من الاختطافات وانعدام الأمن والأمان.
ولم يتعرض شعب من شعوب العالم لما يتعرض له الشعب اليمني من امتهان وعذاب وأزمات وأفقار وظلم واضطهاد وإذلال وإقصاء من قبل كل القوى المتصارعة التي لم تستطع إخراج هذا الشعب من العبث والفساد المستشري في كل مفاصل الدولة. لدرجة أن شعبنا قد ضرب الرقم القياسي في التحمل والصبر والمعاناة وإلى جانبه وحوله جيران يتفرجون على انهيار الشعب وتدميره وإفقاره وهم وبما يتمتعون به من سيولة مالية تملأ بنوك العالم بالمليارات يستطيعون أن يخرجوا هذا الشعب وينقذونه من ما هو فيه وما يعانيه من كساد اقتصادي وقلة الموارد لأن أكبر مصائب اليمن والتحديات التي يواجهها هي المشكلة الاقتصادية بالدرجة الأولى فإلى متى سنظل نراهن على الحلول الخارجية وإلى متى سنظل نتصارع ونحتكم إلى ثقافة السلاح بدلا من الاحتكام إلى ثقافة العقل والمنطق.