هل أنصار الله ظاهرة مصنوعة¿ ومن صنعها¿
عبدالملك العجري

مقالة
عبدالملك العجري –

مقالة
فرضيات كثر حاولت معالجة ظاهرة أنصار الله في تشكلها ومسار تطورها ذهبت كل مذهب ,نعرض هنا لفرضية من الفرضيات الواسعة الانتشار ان جماعة أنصار الله ظاهرة صنعها البؤس وحالة الحرمان والإقصاء والتخلف الاجتماعي وتشكلت في رحم الحروب والصراعات الدامية لكن قبلها نعرج على ازعومة صناعة صالح لأنصار الله .
**عقدة صالح**
قد لا يكون مجديا الدخول في نقاش الدعاوي الغرضية لكتاب ينتمى اغلبهم لجماعة الإصلاح والتصلب الغريب في نسبة كل انجازات أنصار الله لصالح بل جماعة أنصار الله ذاتها باعتبارها تولدا لفكرة رديئة لصالح ونظامه بغرض مشاغبة حزب الإصلاح الحليف الاستراتيجي والمخيف في نفس الوقت .
مثل هذه الدعاوي مبعثها نفسي أكثر منه معرفي والمجدي مقاربة بواعثها النفسية لا جذورها المعرفية.
لم يترك إعلام جماعة الإصلاح (على نحو ما كان يفعل إعلام نظام صالح ) جهة سياسية في الشرق والغرب يمكن نسبة أنصار الله إليها إلا وفعلوها فضلا عن أشكال من الأنساب التاريخية والعقدية إلا نسبة واحدة هي نسبة انصار الله لأنصار الله فالواحد من هؤلاء أسهل عليه تجرع جرام من سم (الزرنيخ) من الإذعان لهذه الحقيقة
الإخفاق الفضيع والهزيمة القاسية التي هي خلاصة ما أنجزه الإصلاح- إن مع حكومة الوفاق سياسيا واقتصاديا أو بتراجع الوجود الاجتماعي والعسكري في أهم معاقله الحيوية والاستراتيجية –تولد عنه جملة من الرهابات والبارونية التي تستبد بتفكير جماعة الإصلاح وتعيقه عن إدراك المسؤولية الذاتية وتميل به نحو الاشتغال بالتفسيرات التآمرية ,وغطرسة مترافقة مع غيرة مرضية تقاوم الإقرار لهؤلاء الفتية عديمي الأهمية والشأن (جماعة الكهوف)- على حدهم- بأي منجز,ويتوسل لتجاوز مأزقه النفسي حيل سيكولوجية باسطرة الإحداث ونسبتها لقوى شريرة داخلية وخارجية تخلع عليها قدرات خارقة ,كما تتجلى في (عقدة صالح)الكائن الخرافي والسوبرمان صاحب القدرات الخارقة ,ورغم كل الإنهاك الذي لحق بسلطة صالح لم يفلح الإصلاح في مغادرة هذه العقدة (عقدة صالح) فشبح صالح يساور حتى أحلامهم .
في أثناء المدة المديدة من التحالف الكالوثيكي بين صالح والإصلاح لعب الأخير الوظيفة الدعائية لصالح باركوه ومجدوه وصنعوا منه “مركزا مقدسا “القائد المدهش المبارك من السماء المحنك الحكيم الداهية…. ,لم يحتل صالح هذه المكانة في نفوس أعضاء حزبه إنما ترسخت قناعة بفعل النفخ المستمر للكائن المعجزة على صالح في نفوس المنتمين للإصلاح وعندما انفرط الحلف بينهما خاصة بعد ثورة فبراير نحج الإصلاح في إزاحة صالح عن “المركز المقدس” لعنوه وجردوه من كل نعوت التمجيد ونسبوه إلى عالم الشر لكن صالح الخارق والكائن الخرافي الجبار والمذهل لازال يتلبس الوجدان الجمعي لجماعة الإصلاح بفعل التنشئة الطويلة.
**أنصار الله وفرضية الوعي التعيس**
من التفسيرات المنتشرة على نحو واسع –بصرف النظر عن النوايا – تلك التي تنظر لتكون جماعة انصار الله رد فعل جماعي على مشاعر الحرمان أو الحرمان الاقتصادي والاجتماعي والمظالم المرتبطة بالهوية الثقافية , وإقصاء الرأسمال الثقافي والاجتماعي الزيدي من المساهمة في رسم وتشكيل مستقبل اليمن الجمهوري عقب ثورة سبتمبر 1992م ,والمظالم التي خلفتها الحروب الست
أي أنها نشأت كاستجابة لاواعية ونزعة احتجاجية رفضية على ممارسات الإقصاء والتهميش والبؤس الاجتماعي ,وعرض لازمة مشروع بناء الدول اليمنية الحديثة والمواطنة المتساوية وسلبية الوضعية السياسية والاقتصادية ,بما يعني وان بطريقة غير مباشرة لا تملك أي مشروع ولم تنشأ كمشروع إصلاح ديني واجتماعي إنما صنعتها المظالم ونظام صالح .
هذه المعالجة تقودنا مباشرة إلى “منطق الأزمة” كما كان سائدا في التراث السوسيولوجي التقليدي في تفسير عوامل وأسباب نشأة الاحيائيات الإسلامية عموما ومراحل تشكيلها وتحولاتها واولاتها وانزياحاتها السياسية والاجتماعية بالاستناد على “منطق الأزمة” وربط كل أشكال التعبيرات الدينية بأزمنة التراجع والتقهقر وخيبة الأمل ,وكرد فعل سلبي للوعي الجمعي التعيس ,ومحصلة لازمة الدولة وأنظمته التوتاليتارية وإفقار الطبقة الوسطى والبطالة والكتل الشعبية المدنية جديدة العهد في التمدن والشعور الأيدلوجي على اثر تأزم الإيديولوجيات التقدمية وإفساحها المجال للإيديولوجيات الاحتجاجية رفضية في مجتمع متشرذم ملليا وعرقيا –كما يقول اوليفيه روا- وذات جذور اقتصادية واجتماعية في التأويل الماركسي.
المقاربات اليسارية