القاهرة.. قöبúلة العربö وساحرة النيل!!
استطلاع/ فايز البخاري

صبيحة يوم بارد من أوائل شهر مارس 2014م كان وصولي إلى مدينة القاهرة عبر مطارها الدولي. في البدء ظننتني سأجد مدينة تفرق كثيرا عن صنعاء من حيث مبانيها وطرقها ومحلاتها كما كنت أقرأ في كتب ومذكرات المناضلين اليمنيين الذين كانوا يزورونها منتصف القرن العشرين الميلادي أيام حكم الإمام يحيى وابنه أحمد.. لكني تفاجأت حين لم أجد ذلك الفارق الكبير بعد أنú أصبحتú صنعاء بما هي عليه اليوم من تطور في المعمار والبنية التحتية والجسور والأنفاق والمولات والحدائق رغم قلتها والفنادق ذات النجوم المتعددة والمطاعم التي لا تضاهى بما تقدمه من مأكولات والمستشفيات التي بدأتú تنافس وإنú بخطى ثقيلة.
المهم أن الفارق الهائل الذي كنت أتوقعه تبعا لقراءاتي لم أجده بل العكس انصدمت بكثرة الأحياء العشوائية التي تفوق الأحياء العشوائية بصنعاء وبأسطح المنازل التي تتشابه كثيرا ومقالب القمامة فضلا عن الشوارع التي تنكشف عورتها أكثر بكثير من مختلف المدن اليمنية حال سقوط الأمطار على ندرتها. حينها فقط يصفون الطقس بالطقس السيء!!
نهر النيل لم يعد هو أيضا ذلك النهر الذي كنا نحلم بالشرب منه للعودة ثانية لمصر أو الاغتسال به فقد أضحى تلوثه واضحا للعيان ولا يمكنك في القاهرة حتى وضع قدميك في مياهه.. فقط تملى بمنظره المهيب الذي يشبه في بعض مناطقة البحر خاصة وأنت آت من بلد لا نهر فيه. لكن هذا لن يمنعك من الاستمتاع بالهواء الرطب على ضفاف النيل أو الجلسة الرائعة في إحدى استراحات أو مقاهي النيل فهناك تجد نفسك مدفوعا للبوح لنهر النيل بما يشبه الشجن بأشياء كثيرة لا يسمعها من بجوارك وإنú كنت تظن من فورانها واحتدامها داخلك أنه قد سمع بها كل من في الأرض.. هناك فقط تستطيع أنú تبوح للنيل عن أحلامك التي لم تتحقق وعذاباتك التي لاقيت وأمنياتك وطموحاتك التي لا تزال تسعى إليها.. ستجد نفسك تسأله عن عمرو بن العاص وصلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس ومحمد علي باشا والبارودي وسعد زغلول وأحمد شوقي وأم كلثوم وعبدالناصر. ستسأله عن نكسة 1967م و6أكتوبر 1973م.. ستخبره أنك لم تجد بقايا دماء المماليك في مذبحة القلعة ولا مدافع نابليون التي شوهتú وجه (أبي الهول) ولا كنوز الفراعنة داخل الأهرامات.. لقد تحول وتبدل كل شيء ولم يعد لما أحمله من أثر سوى الحنين ويا له من حنين مؤلöم لماض لا نزال ننشد – نحن العرب – نحوه بقلب خفوق وجوارح مكلومة. هل هو قدرنا أنú نظل مشدودين للماضي أم هي ذاكرتنا التي تأبى النسيان¿!
في خان الخليلي أول ما دلفتú قدماي لم أشتم رائحة المماليك ولا محمد علي باشا ولا المستعمöر الأجنبي ولم أشاهد نياشين البشوات ولا خفق قلبي لحسناواتهم.. فقط كان شوقي يسبقني نحو قهوة الفيشاوي وكأنها أغلى وأجمل ما يحتويه خان الخليلي مع أنها ليستú كذلك.. فقط هو حنين الأديب لمكانö كاتب كبير شاركه يوما ما صداقة الحرف وحميمية الحلم والأمل. إنها المكان الذي كان يرتاده الأديب الكبير نجيب محفوظ ومن هذا الحي استقى فكرة ثلاثيته الشهيرة(بين القصرين -قصر الشوق- السكرية) وهنا فقط كان محفوظ يستشرف مستقبل شخصياته الروائية ويرسم خطواتها.
لم يطل بي المقام في قهوة الفيشاوي فقد كانت روحانية مسجد سيدنا الحسين تجبرني على الإسراع نحو ذلك المكان المسكون بالوجد والمضمخ بعبير الروحانية المكسوة بآمال البسطاء وتنهدات المعوزين وآهات المذنبين. هناك فقط حطيت الرحال وتخففت من عناء يوم شاق في أزقة خان الخليلي وحارة مسجد على بك أبو الدهب وسوق العتبة.
وأنت في القاهرة وإنú سكنت في أي حي منها لزاما عليك كيمني أنú تذهب لزيارة حي الدقي الذي صار علامة مسجلة باسم اليمنيين لكثرة القاطنين فيه منهم. هناك فقط تستطيع أنú تتذوق الأكل اليمني الذي تفتقده وأنت لا تزال في مطار صنعاء فالمطاعم اليمنية فيه تنقلك وأنت بداخلها إلى أجواء صنعاء غصبا عنك فكل ترتيبها ومأكولاتها وعمالها وزبائنها يمنيون إلا ما ندر. حينها تشعر بطمأنينة وإنú لم تصاحب فيها أحدا فقط تشعر بوجودك ببلدك.
وإذا غفلت عن شيء بالقاهرة فلا يمكنك أن تغفل زيارة التحرير لمشاهدة المكان الذي طالما كان أكثر مكان للنقل المباشر عبر قنوات الفضاء الإخبارية منذ 25يناير 2011م. وفيه ستشاهد مقر الحزب الوطني سابقا وآثار الاحتراق واضحة للعيان دون أنú يتم استثماره رغم ضخامته وموقعه في قلب القاهرة على النيل بأي شيء يعود بالنفع على المواطنين.
وفي التحرير لا يمكنك أنú تمنع نفسك عن زيارة المتحف المصري أو التملي بكبري 6أكتوبر والزحام الشديد الذي يكون فيه طوال اليوم. وإنú كنت ممن يعشقون التراث والمباني الق