تفقير واحتكار
محمد المساح
بما أن تحقيق الربح هو الدافع الرئيسي للشركات عابرة القارات للاستثمار في التكنولوجيا الحيوية الحديثة فسوف تكون أولوياتها إلى حيث يمكنها تحقيق أهدافها.
وعلى سبيل المثال تربية أصناف نباتية مقاومة ذاتيا للآفات مطلب حيوي للكثير من الدول النامية لتخفيض تكاليف استخدام المبيدات الكيماوية وايضا الحد من آثارها السلبية في البيئة.
من الأمثلة المطروحة لهذا الموقف مبيد الحشائش (اترازين) الذي يستخدم في حقول الذرة لمقاومة الحشائش فنباتات الذرة تحمل هذا المبيد ولكنه يبقى في التربة ويسبب ضررا بليغا لمحصول فول الصويا.
هذا مثل أول تقدمه الشركات العابرة للقارات للعالم الثالث .
المثل الثاني هو سعي هذه الشركات لإيجاد بدائل لمحاصيل الدول النامية التصديرية .. كيف يتم ذلك¿
تقوم شركات عدة ببذل جهود كبيرة باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة لإنتاج بدائل عدة من محاصيل العالم الثالث التصديرية مثل السكر والكاكاو والفانيليا وغيرها.
بالنسبة للسكر مثلا اكتشف مركب (ثوماتين) وهو عبارة عن بروتين درجة حلاوته نحو 2500 مرة مثل السكر.
ويوجد في ثمار النبات الذي ينمو في غرب ووسط افريقيا وقد قامت بعد ذلك إحدى الشركات بإنشاء مزارع له في غانا وارسال الثمار إلى بريطانيا لاستخلاص الثوماتين.
ثم أمكن عزل المورث الذي يحكم إنتاج هذه المادة وتجرى الجهود لزراعته في نبات مناسب للزراعة في الدول المتقدمة.
كذلك اكتشف في نفس المنطقة نبات آخر مشابه تحتوي ثماره على بروتين يطلق عليه (مونيلين) درجة حلاوته تبلغ نحو 300 مرة مثل السكر وتبذل جهود لإنتاجه باستخدام هندسة الوراثة وزراعة الأنسجة لينتقل مركز إنتاجه إلى دول الشمال.
في الوقت الذي يمكن ان تساعد فيه الثورة (البيوتكنولوجية) على توسيع القاعدة الوراثية إلا أنها يمكن أن تؤدي الى نقص التنوع الوراثي في حقول الزراع.
يقدر البعض أن المحاصيل التي يتم اكثارها عن طريق زراعة الأنسجة أكبر قابلية للإصابة بالآفات بنحو ست مرات عن تلك المرباة عن طريق التكاثر الجنسي ومن ثم فإن التوسع في زراعة مثل هذه المحاصيل سوف يحتم التوسع في استخدام المبيدات.
هذا ما يقدمه للعالم الفقير .. احتكارات العولمة وزيادة في فقر العالم الثالث سرقة فقره بالكامل.
المصدر: تقارير .. وكتاب (عالم المعرفة)
عدد 230 الأمن الغذائي للوطن العربي – الدكتور محمد السيد عبدالسلام