في ظلال بلقيس..
عرض: محمد علي ثامر
أحيانا يقولون (رب صدفة خير من ألف ميعاد) هذا هو واقع الحال عند قراءتي لكتاب “في ظلال بلقيس” للدكتورة السورية العربية/ ريم عبد الغني الكتاب من الإصدارات الجديدة لوزارة الثقافة اليمنية ضمن مطبوعات تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م ويتكون من (250) صفحة من القطع المتوسط الجميل.
تعد الكاتبة من قلائل الأدباء العرب في سرد تفاصيل دقيقة لأشياء كثيرة تميزت بها بلاد العربية السعيدة.. ولعل ذلك يتجلى بوضوح دقيق وشيق في بداية كتابها (في ظلال بلقيس) حيث كان الحب من أول زيارة.. متسائلة: هل تؤمنون بالحب من أول نظرة¿! أنا أؤمن به فعلاقتي باليمن كانت “حبا من أول زيارة” في عام 1997م أي بعد سبعة أعوام على قيام الوحدة اليمنية المباركة.
فهنا حق للحب أن يتكلم وللعشق أن يتجلى ويتكون وللمشاعر الصادقة الدافئة أن تنور درب بلاد وشعب بلاد خلقت للسعادة والطيبة والرقي وشعب كريم وأصيل وبسيط قال الله تعالى: “بلدة طيبة ورب غفور”.
يخيل إليك – عزيزنا القارئ – بأن أرقى الكلمات وأعذب العبارات تتدلى من بين جنبات هذا الكتاب من صفحاته وفقراته وأسطره جمال في الكتابة ورشاقة في الأسلوب وتكامل في أداء الكلمات والجمل ودقة في إحصاء اليمن أرضا وإنسانا جبالا وسهولا وصحاري وهضاب.. إنه العشق الأبدي الأوحد لليمن وأهله.. تقول الكاتبة: “حتى متى ستبقى مستحوذة علي¿! لست أدري! ما أعرفه أنها تحتلني ذلك الاحتلال المحبب الذي لا يريد سجينه انعتاقا منه” …. “وإن كنت لم أزر بعد ـ كما أتمنى ـ كل شبر فيها فإنني أعرفها كلها.. تختزلها ابتسامات الوجوه الطيبة تتجسد في إبداع نقوش الحلي وزخرفة المباني تتجلى في أصالة التقاليد وفي عفوية صادقة ما زالوا ينعمون بها هناك في عالم كلما فيه يشبهه مزيج عبقري من الألوان والأشكال والروائح.. تتباين إلى حد التناقض وتنسجم إلى حد الإبداع” وهنا تتجلى بوضوح هذه المحبة وهذا العشق لليمن لدى كاتبتنا العزيزة ويتضح أيضا بأن حب اليمن ليس حكرا على أبنائه وإنما حبه وعشقه عم مختلف أرجاء العالم.
عاشقان لليمن..
في هذا الكتاب ومن أول ما تدلف بين جوانبه تجد العجب العجاب سحرا وإبداعا كلاما وفنا فقد جمع الكلمة مع الفرشاة الكلمات لكاتبة عربية سورية رائعة والفرشاة لفنان فرنسي ساحر فالكاتبة ريم عبد الغني من سوريا والفنان (بيل) من فرنسا وكما هي رئيسة مركز تريم للعمارة والتراث بدمشق فهو رئيس لمؤسسة ملكة سبأ بباريس.. وفي رسالته الموجهة إلى الكاتبة والمرفقة برسوماته الجميلة يقول: “… حيث كنتö تختصين في مجال العمارة اليمنية أكثر العمارات خصوصية وتميزا ووحدة من أجملها في العالم العربي بل العالم أجمع…. فإننا نعرف تماما أن اليمن أعلى مشارف الأماكن المقدسة حتى في مرحلة ما قبل الإسلام وبلد الملكة بلقيس هو منبع العديد من الحضارات….” فحب اليمن جمع هذين العاشقين المتذوقين لكل جميل ليسطر أعظم الكتابات والرسومات عنه وعن أرضه وتراثه وتاريخه وحضارته عن بساطة إنسانه وروعة فنونه ومصنوعاته وظرافة عاداته وتقاليده.
اليمن.. واحة سحر جذاب
في كل شبر منه
تواصل الكاتبة نسج خيالها الأخاذ عن اليمن وسأذكر لكم هنا مقتطفات من صفحات مختلفة من كتابها.. حيث تقول: “نخترق السهول والمدرجات البديعة التي نحتها اليمنيون على سفوح الجبال بمهارة ودأب مذهلين فكرت أن النقوش “افترشت” كل شيء في هذه البلاد.. والحق أن اليمن عالم عجيب الغنى.. تشكل فوق أرض بالغة العراقة.. توارث سكانها الأصالة والبساطة.
فصنعاء.. قصة مدينة احترمت ذاكرتها ولم تتنازل عن أصالتها وتفردها أخذتني من يدي ومررت أصابعي على مكامن الجمال المعتق في وشي فضتها وحبات عقيقها ومنمنمات جصها وتطريز أثواب نسائها وحبر أوراق مخطوطاتها المصفرة….
“عدن” سحرتني بألوانها.. بزرقة بحرها وسواد جبالها وبياض قلبها.. طوقتني بفلها ونقشت جنتها فوق قلبي.
“أبين” حكاية أخرى.. حكاية خطها أحباب في خاطري خطا بعد خط قبل أزورها.. قصة أرض معطاء تنتج أشجار الموز والعنبة والناس الطيبين.
“حضرموت” أسرتني بطبيعتها البكر وعبقرية عمارتها ورقي أبنائها بفرادة كل تفاصيلها وهناك: حيث المدن التي تبدو وكأنها انسلت من الأساطير…”
في ظلال بلقيس.. كتاب للترويج لليمن.
إن أبرز وأوثق دليل سياحي هو ما تسطره تلك المقالات والكتب الجميلة عن العربية السعيدة ولعل كاتبتنا كانت أبرز دليل وأفصح مرشد وأفضل كاتب وأروع قاص وأجمل زائر لليمن وهي تستحق أن تكون بمثابة الناطقة السياحية له.
حاولت الكاتبة أن تجمع كل شيء جميل في اليمن ولم تكتفö بذلك بل عكسته على شكل قصة أسطورية لبلاد أسطورية أيضا