((على ابواب بغداد)) !!
عبدالرحمن بجاش
يبلغ بك الالم آخر مداه حين تقرأ آخر فقرة في الرواية (( اطلب منك يا ولدي أن تبقى في وطنك ولا تسافر . السلام عليكم . )), يعتصر قلبك أن تنهي رواية قاسم حول (( على ابواب بغداد )) , لانك تكتشف أن وطنا عظيما هو العراق سقط لسبب رئيسي ليس فقط تآمر (( الخارج )) عليه , بل لان سبب الاسباب وهو ما نراه في اوطان كثيرة – اختصار وطن في شخص , وتحوله إلى ((أنا الوطن والوطن أنا )) , وعلى الآخرين تحت ضغط القوة القمعية أن يدورا حوله هو (( الأوحد )) , سقط العراق في اللحظة التي كان فيها الصحاف مسكينا كالاله يردد مقولة (( العلوج )) فيم كانت(( دبابتين اميركيتين على الجسر)) !! , (( اين انت ايها النوم الجميل . يا رب احفظ الوطن الغالي )) , (( في المنام شاهد عبدالله طيرا اخضر الجناحين احمر المنقار وكبيرا يحط على نخلة محروقة وكان يخرج أصواتا بين التغريد والنواح . كان الطير مثل الرجل الذي يبكي بكاء حزينا ومرا . ووجد الطير تمرة واحدة ملتصقة على بقايا سعفة من سعفات النخلة . صار ينقر بها حتى اكلها فسقطت النواة منها وبدأت تخضر نخلا كثيفا سرعان ما ينمو ويثمر حتى إذا غطى المنطقة كاملة اتت عليه النيران , وعندما اقتربت من الطير أخرج صوتا هائلا بين التغريد والنواح . )) , بطل رواية قاسم حول عبدالله جسد شخصية العراقي النبيل والشجاع والذي لا يبيع وطنه والذي يهزم رغما عنه , وهو مصور تلفزيوني والبطل الرئيسي للرواية , ونموذج للعراقيين الكرام من هزمهم الشخص قبل العدو !! , عبدالله كانت امه تحلم بعرسه , وهو يفكر بالعراق , حيث يقوم بتسجيل اللحظة الوطنية بكاميرته , اكتشف في الاخير أن حلمه انهار بعد ان ذهب وعاد بين البصرة وبغداد ورأى الجنود العراقيين متحفزين في مواقعهم لا يدرون أن كل شيء انهزم بسبب القائد الضرورة أو القائد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من أمامه , لايعني هذا أن العراق لم يكن مستهدفا من الغرب , بل أنه كان أول المستهدفين , لكن القائد الضرورة لو كان قد سمع من حوله لكان ربما جنبه الكارثة التي حلت به ليس على صعيد نهب النفط , والتراث , والتاريخ , بل ضرب الإنسان العراقي في قيمه وكرامته , (( مشى العريف عبدالقادر في أروقة المعسكر وكانت دموعه تبلل خديه وهو يرى في فراغ المعسكر هزيمته وهزيمة بلاده . يرى في الفراغ والصمت حالة موجعة وهو يعرف أسباب الانكسار وأسباب الهزيمة وكان يتوقعها , لكنه لم يكن يتمنى أن يراها ممثلة في معسكر خاو من الجنود )) , (( ..واليوم يرى وطنا بدون قوة تحميه . هكذا نظر إلى المعسكر وبكى . )) , ((مسح عبدالقادر دموعه وقال : من هذا المعسكر انطلقنا عام 73 نحو دمشق التي كانت مهددة بالاحتلال وشكلنا جدار الأمان وقاتلنا عنها ببسالة ولم يتمكن الغزاة من دخول دمشق ..)) , عبدالله الذي يمثل روح العراق فقد الحلم بعد أن حاول وحاول , لكنه أكتشف ان حتى صورة الميدانية التي التقطها لجنود في مواقعهم على جبهة البصرة لم يعد لها مكان حتى لتعرض فيه , لقد توقفت القناة التي كانت تذيع الانتصارات الوهمية , ومؤتمرات صحفية في الشارع اكتشف صاحبها – وهو المخلص لما آمن به ولم يكن قادرا على القول كفى – فجأة انه اصبح وحيدا لم يجد بجانبه حتى جندي المرور , لقد كانت الحكاية كلها عبارة عن (( مسرحية تضعها مرة في خانة المأساة , وأخرى في خانة الملهاة وثالثة في خانة الفاجعة ورابعة في خانة المهزلة )) .., مصيبة شعوب هذه المنطقة الكبيرة ليس تآمر الخارج بل بقاء الحاكم سنين طويلة على كرسي الحكم يتحول معها بفضل المنافقين رابطة صناع الطغاة الذين يرفعوه من مصاف البشر إلى مصاف الآلهة ……ان اردتم أن تبكوا العراق وبغداد رمز كرامتهم ووطن عربي مقهور بحكامة فاقرأوا رواية (( على ابواب بغداد )) ……