(( الباكداده … وغصة خانقة في القلب ))
كمال محمود علي اليماني
كمال محمود علي اليماني –
كنت في زيارة للصديق العزيز الشاعر الجميل والإعلامي البديع مدير عام ثقافة عدن السابق عبدالله باكداده الزيارة لم تكن زيارة ودية وإلا لما أرهقت أعينكم بقراءة سطور تتعلق بها لكنها زيارة مواساة لرجل وجد نفسه في غضون ساعات خارج بيته لايذهبن بكم الخيال إلى قصص هذه الأيام مما تعج به الصحف من اعتداءات وقتل فتذهبون إلى أن جماعة ما قد تهجمت عليه في داره وطردته وأسرته منه وإن كان هذا قد حصل بالفعل – حسب بعض الترجيحات- وإن بصورة مختلفة أكثر شرا لقد وجدته مستلقيا على سرير رافعا ذراعيه للأعلى كاشفا عنهما وقد أكلت النار الجلد وتركت الذراعين مكشوفين في العراء حالهما كحاله وأسرته لولا أن تداركته رحمة ربه فوسعه وأهل بيت دار أخيه . ترى عن أي نار أتحدث هذه التي فعلت بشاعرنا الجميل مافعلت إنها نار شبت صبيحة أمس الأول بينما كان أهل الدار في نومهم وإذا بها تأتي على الدار كله ولاتتركه إلا قاعا صفصفا وحيطانا تشكو سواد السخام يعتليها . النار تسبب فيها مس كهربائي كما رجح البعض ولكنها حسب ترجيحات أخرى كما ذكرت سلفا جاءت رسالة من هذا الطرف أو ذاك وقرصة اذن لعل الإعلامي باكداده يتذكر من خلالها حكمة أجداده العرب الذين قالوا يوما (( إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب )) .
زرته في اليوم الثالي لوقوع الحريق وكنت قد علمت به قبل زيارتي بساعات ووجدت في قلب الرجل غصة خانقة لا لحريق أصاب بيته وأكل جهد وعرق سنين وسنين ولا لكفيه وذراعيه اللذين مر عليهما طائف من نار مشتعلة فما ذاك إلا قدر قدره الله وماشاء الله فعل لكن الغصة كانت من تنكر المسئولين في المحافظة وفي وزارة الثقافة وفي جهات حكومية أخرى علمت بالحدث فلم تكلف نفسها عناء رفع سماعة الهاتف والإتصال به للإطمئنان على صحته لعلها خشيت أن تضعها المكالمة أمام مسئوليتها الأخلاقية تجاه شاعر وإعلامي كبير ومثقف بحجم الباكداده فآثرت أن تنزوي وراء جدران التجاهل ضاربة عرض الحائط بكل أخلاقيات الصداقة والزمالة مستدبرة كل سني عطاءاته في مجال الثقافة والإعلام .
ولأن الرجل من أهل العفاف ومن بيت عزيز لايعرف ذل السؤال في حياته قط إلا للوهاب وحده فهو لاشك سينزعج لامحالة من مقالي هذا لخشيته أن يفسره بعض أهل السوء على أنه مطالبة لمد يد العون إليه في محنته لا ياسادة فالرجل مازال وسيظل واقفا على قدميه نخلة يشرئب عنقها إلى السماء كنخلات حضرموت غير أن واجبا أخلاقيا ينتصب أمامكم يطالبكم وبقوة بضرورة الزيارة والمواساة . قوموا بواجبكم في شتى صوره تجاه قامة شعرية وثقافية وإعلامية كالباكداده ولا يحملنكم كبرياء الرجل على تجاهله فتنتظروا أن يمد لكم يدا سفلى صدقوني ..لسوف يطول انتظاركم.