ماذا لو كنت ( الحوثي ) ¿
فؤاد الحميري
لكون التحركات الحوثية حول وداخل العاصمة بكل تجلياتها هي حديث الساعة وحدث الوقت . فقد خطر ببالي وأنا أتابع تلك التحركات سؤال بسيط : ماذا لو كنت أنا ( الحوثي ) ¿ ماذا سأقول ¿ كيف سأصنع ¿ من أين سأبدأ ¿ إلى أين سأنتهي ¿
فوجدت إجابات كبيرة هي أقرب ألى أمنيات المحب منها إلى تصويبات الناقد . أو هكذا أريد لإخواني الحوثيين أن يفهموها . وإليكم بعض ملامح تلك الإجابات :
فلو كنت الحوثي : لانتهزت نجاح مؤتمر الحوار الذي كنت أحد مكوناته الرئيسة لأبدأ مرحلة جديدة من العلاقة مع المجتمع بعيدا عن فقه الحروب وصناعة الأعداء .
لو كنت الحوثي : لجعلت من الاعتذار الرسمي لصعدة فرصة لإنهاء ثقافة البكاء على الأطلال وإجترار المظلوميات والتفتيش في ضمائر الاحياء وقبور الأموات . ولتعلمت كيف أعتذر عن خطاياي في حق كل ما احتللت من القرى والمدن ومن قتلت من المدنيين والعسكريين . ومن هجرت من المسلمين واليهود اليمنيين . ولجعلت من تسليم ( مدينة السلام ) منطلقا لتبني سياسة السلام . قاطعا كل صلة لي بالسلاح ثقافة وسلوكا .
لو كنت الحوثي : لانفككت من أسر النسب وتحررت من قيود المذهب صانعا من الجماعة المنكرة حزبا معرفا . متحولا من ( المرجعيات ) إلى ( المراجعات ) . منطلقا من ضيق الأيدلوجيات والمناهج إلى رحاب السياسة والبرامج .
لو كنت الحوثي : لما استفززت النخب ولا استرهبت العامة ولا استعديت القبائل ولا استنفرت الجيش ولما كذبت نفسي أمام أتباعي بتهجمي على الدولة ثم مغازلتي لرئيسها ومطالبتي بإسقاط الحكومة ثم مغازلتي لوزير دفاعها . وكأني أكشف عن باطل وراء مطالباتي بالحق وعن مطامع خلف دعواتي للخلق .
لو كنت الحوثي : لأعدت النظر في شعاراتي لتكون أكثر واقعية ووطنية رابطا بينها وبين ممارساتي الميدانية ربطا طرديا لا عكسيا يجعل من سلوكي ترجمانا لتصوراتي . لا لسانا عمليا يجيبني – بعد كل خطاب من خطاباتي المطولة – قائلا : ( على غيري !! )
لو كنت الحوثي : لقطعت كل صلة لي بكوارث الماضي أفكارا وأشخاصا منسجما بذلك مع الشعب الذي يرى ميلاده في جمهوريته وحريته في ثورته . غير مزين وجها دميما أو مادح عهدا ذميما . متذكرا أن بناء المستقبل أسهل جهدا وأقل كلفة من ترميم الماضي .
لو كنت الحوثي : لما أحرقت المطالب الحقوقية بتسييسها . ولما أجهضت المظاهرات الشعبية بتسليحها . ولقدمت نفسي للداخل والخارج تقديما يطمئن الناس ويرغب الجماهير ويؤمن الشعب .
لو كنت الحوثي : لسرت على خطى ثورة فبراير : جمهوريا وحدويا سلميا مدنيا . يفر الناس إلي لا مني ويرغبون في لا عني . فإن فتشت الداخلين إلى مخيماتي – متشبها بشباب الثورة – فلا أفتش جنوبهم في الوقت الذي تتدلى فيه رشاشاتهم الآلية من ظهورهم ضاحكة من شر البلية.
لو كنت الحوثي : ووقفت ضد الجرعة حقا وصدقا لاستفدت من كل مبادرة سبقتني في ذلك وخاصة إن جاءت من داخل الحكومة نفسها . كمثل مبادرة نائب وزير الاعلام الرافضة للجرعة . والتي بتجاهلها وغيرها من المبادرات أظهر نفسي متذرعا بالجرعة لا جادا في معارضتها .
لو كنت الحوثي : لما واجهت جرعة حكومية تغلي البترول بجرعة حوثية ترخص الدم .
وحفاظا على مصداقيتي سأستبق تظاهراتي ضد الجرعة بإسقاط ( الخمس) عن أنصاري و من يدين لي .
ولأن الشعب لا زال يعاني من فساد أصحاب البطن الواحدة . فسأتخلى – ولو مؤقتا – عن عقيدة ( البطنين ) .
لو كنت الحوثي : لرفعت العلم الجمهوري وغردت بالنشيد الوطني وحملت صور الزعامات اليمنية لا العمائم المستوردة . ولتوجت ذلك كله بالاستجابة السريعة لدعوة الاصطفاف الوطني مشاركا في مسيراتها ومتفاعلا مع فعالياتها ولما وقعت في شرك العداء لها والتحريض ضدها . وكأنني النقيض للوطنية والوطنيين .
لو كنت الحوثي : لقربت السياسيين من أنصاري على حساب المقاتلين ولأتحت الفرصة للمحاورين من شبابي المنفتحين على الآخر ليعيدوا تجسير العلاقة مع القوى الوطنية المختلفة . مستفيدا من تجاربهم في مؤتمر الحوار الوطني . مستنقذا بهم ( الجماعة ) من قوالب التفكير الجمعي المجمöد للمدارك والمحدöد للإبداع .
وأخيرا .. لو كنت الحوثي : لتقبلت هذا المقال بصدر رحب وعقل مستنير ولجعلته – وأمثاله من المقالات والمنشورات – منطلقا لتصحيح المسار وتصويب الوجهة