مجتمع سنة أولى

يكتبها: علي بارجاء

 - وأنا أحمل القلم لأكتب وجدتني أقف لأول مرة حائرا أتساءل: ما الذي أكتبه¿ ليس عجزا ولا انعداما لما ينبغي أن يقال ويكتب. حياتنا مليئة بسلبيات كثيرة تستحق الكتابة فيها
وأنا أحمل القلم لأكتب وجدتني أقف لأول مرة حائرا أتساءل: ما الذي أكتبه¿ ليس عجزا ولا انعداما لما ينبغي أن يقال ويكتب. حياتنا مليئة بسلبيات كثيرة تستحق الكتابة فيها, ولكن يحتاج كاتبها إلى أن تتهيأ له ظروف نفسية وجو صحöي يشعر فيه بالأمان ليلاحظ وينفعل ويستلهم ثم يكتب, ولا صحة للقول بأنه لم يترك السابقون للاحقين شيئا لأن التوقف عن الكتابة يعني الجمود و النهاية وعدم التجدد وتكرار واجترار الموجود.
ما يحدث في حضرموت يمنع حتى من التفكير, بل الكتابة نفسها. نحن نعيش في واقع غير آمن وهذا لا يتيح فرصا ملائمة, ولا يوفöر جوا نقيا للتعايش حتى مع معاناتنا, بل يمنعنا حتى من الإحساس بها أحيانا.
إن سنة الحياة تقتضي الاستمرار لأنه هو الدليل الوحيد على أن ثمة حياة ينبغي أن نحياها حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا في وطن له أنظمته وقوانينه, وندين فيه بدين له شريعته التي ارتضاها الله لعباده, وأرسل من أجله رسوله الكريم ليبلغها إليهم فيؤمنوا بها ويتعبدوه بما فرضه عليهم من فروض وسنن, ويقيموا علاقتهم بربهم وبأفراد مجتمعهم ليعيشوا تحت ظلö رضاه تعالى, ويؤكدوا بسلوكهم وتعاملهم مع غيرهم أنهم في مجتمع يؤمن بالله, ويعكس عظمة دينه في الأقوال والأعمال.
لنا في تجربة أجدادنا الذين هاجروا إلى الشرق, وبخاصة إلى جنوب شرق آسيا واستطاعوا أن يكونوا هناك خير دعاة إلى الإسلام فأدخلوا في الإسلام الملايين من سكان تلك الأصقاع, وهم لا يحملون سوى هذا الدين, وأساليب نشره التي لم تكن تعتمد إلا على حسن التعامل, وإظهار الخلق الإسلامي الصحيح الصادق المخلص للدين, على منهج قرآني قوامه: (ادع إلى سبيل ربöك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
لم يكن هؤلاء يستخدمون سلاحا, هكذا كانوا, وهكذا أدخلوا في دين الله الإسلام الملايين في وقت قياسي.
يبدو لي أن الإسلام لا يحتاج إلى أن يكون فيه غير من يمثله خير تمثيل بما يؤكد عظمته وعظمة تشريعاته التي جاءت لتحرر الإنسان من أي تبعية أو عبودية أو تشيع لغير الله الواحد الأحد فلا تبعية لفكر أو لحزب أو جماعة أو تنظيم أو فرد مهما بلغ كل من هؤلاء من القوة والعظمة والسلطان والجاه والمال والمكانة لأنها كلها تتعارض مع الاتöباع والولاء الحقيقي لله ولدينه ولرسوله, ولا ينبغي لكائن من كان أن يفرض على الآخر ما يريد بقوة من القوى الفكرية أو غير الفكرية التي تريد أن تستعبد من ولدته أمه حرا.
أحسب أنني أصبحت واعöظا, أكرر ما قد قöيل كثيرا, بل ما ينبغي أن نكون قد عرفناه ووعيناه وأصبحنا نمارسه في حياتنا سلوكا كما نمارس الأكل والشرب لأننا من أهل الإسلام. ولكن اتضح لي أننا بحاجة إلى أن نكرöر المكرر. وقديما قالوا: (المكرر يحلو), ولكن ربما يحلو هذا المكرر في أشياء أخرى ليست في الدين, لأن الدين ممارسة يومية وسلوك عملي تطبيقي لما في القرآن والسنة من تعاليم ومفاهيم وقيم.
كل ما ينشر في دورياتنا هو تكرار للمكرر, وكأن مجتمعنا على طول سنوات لا يقرأ, ويصر على أن يظل كل سنة معيدا في السنة الدراسية الأولى, وكل سنة يدرس الدروس نفسها, ولكنه لا يفهمها ولا يريد أن يجتهد لينجح ويترقى في تلقöيه العلمي إلى الأمام من غير رسوب.

قد يعجبك ايضا