ممارسة التضليل هواية أم طبع ¿!!
جمال الظاهري
هكذا نحن البشر, ندعي الصلاح والكمال لأنفسنا وننفيه عن من يختلف معنا أو تتعارض مصالحنا مع مصالحهم .. نعمد إلى التضليل والتزييف ومغالطة الأرقام حين نبحث عن الذريعة لتبرير إخفاقنا وجورنا ..
تبدل الحال وصارت المجتمعات مهووسة بصنع الأزمات وخلق المتاعب وتقليب الأمور, وصار دبيب النمل في عرفها اليوم أمرا يستحق الحوار والخطب والتداولات التي لا تنتهي, لا لشيء وإنما لإثبات أننا وحدنا على صواب وغيرنا على باطل.
نستميت في نقاشاتنا من أجل تغيير قناعات الناس لصالحنا وبما يخدم مشاريعنا, وإن فطنوا لما أردناه نقوم بتبديل الوجوه لا القناعات, فنعمد إلى التواري والدفع بآخرين للمحاولة من جديد, هذا الأمر صار هو السلوك الذي يمكن أن نقول عنه استثناء أو أنه خارج دائرة الشك في كل شيء وفي كل نشاطنا اليومي.
فقدت بيننا المصداقية وحل الكذب فاختفى أولئك المؤمنون الذي قال عنهم سيد الخلق نبينا محمد – عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم – حين سئل عن صفات المسلم: هل يكون كذابا فقال لا..
اتسع محيط الشك على حساب اليقين وتهاوت المصداقية وصار كل حديث أو خبر بابا جديدا للريبة والتشكيك, ومن يأتي على ذكر مفهوم النوايا الحسنة والتسامح والتماس العذر, والفضيلة والنخوة والنجدة أو يطلب تأجيل الأمور الخلافية البسيطة من أجل دفع خطر داهم يصبح عرضة للتسفيه والإتهام بالضلال.
بسذاجة منقطعة النظير نصر على ممارسة الغواية والتحيز لما نعتقد وما يناسب هوانا, في رحلة طويلة ثمنها ضياع حياتنا الوحيدة التي نبددها في زوابع تؤجج هواية البعثرة لأرواحنا وتقليب الأمور لتبدو على غير حقيقتها معتقدين أننا بهذا الفعل نستطيع أن نتحدى الواقع ونغير القدر.
الحالة المزرية التي تعيشها المنطقة العربية, وما تخلفه كل يوم من إفرازات وتراكمات لآثارها السلبية, التي جديدها المتقادم ما تعيشه (غزة) من حالة حرب وحصار ومحاولات للتركيع على مرأى ومسمع العالم, هي واحدة من النتائج التي تؤكد مدى تفسخ وانبطاح الأنظمة العربية, ومدى بعدها وغربتها عن واقعها وعن ما تريده شعوبها, وعلى مدى ما وصلت إليه هذه الحكومات من سفه وتدليس وتقليب للأمور ودجل ومغالطة لنفسها وللشعوب .
تتوالى أيامنا السوداوية كأنها حبات المسبحة العمرية التي نرميها وراء ظهورنا ونحن نودع أيامنا في هذه الحياة عند كل غروب لنستقبل أياما جديدة مع انبلاج كل صبح جديد.. يوم سيئ يغادرنا فنستقبل يوم أسوأ منه, نغادر مشكلة أو حفرة لنقع في حفرة أخرى .. يصيبنا الإعياء والإرهاق وتتبلد الأحاسيس فنرى كل الأمور بسوداوية وشك, لأن مشاعرنا الحسنة تتسرب من بين أصابعنا دون أن نكترث لها, وفي مناسبات كثيرة نحن من يلقيها على الأرض وندوس عليها كأنها أمر نشاز يشوه صورة الجنس البشري.
تمضي حياتنا في هذا الجو المشحون بالريبة دون أن نشعر بالسعادة ونمضي معها بقلوب منكسرة حزينة دون أن نترك بصمة أو تذكارا يحمدنا عليه الجيل الذي سيلي جيلنا الذي ربما سيلعننا بدلا من أن يدعو لنا.
ها هو العام الرابع منذ تفجر الأوضاع في 2011م يوشك أن يغادر ونحن في نفس مربع الأجواء المشحونة بالريبة والشكوك لبعضنا البعض, وحياتنا كمواطنين في نفس تلك الخانة البائسة التي يحركها المتسلطون على الرقاب كي يجنوا الأرباح التي نمت من بؤسنا..
أربعة أعوام توشك أن تكتمل لم نضف لحياتنا ولوطننا لبنة جديدة أو سلوكا عصريا يؤسس لحياة أفضل .. أربعة أعوام سادها الصراع العسكري والسياسي والقانوني وتحكم بها المال وأججها الإعلام المدفوع ثمنه.
دول وحكومات العالم تشرعن استمرار بقائها في السلطة بما تقدمه من إنجازات وما تحققه من خدمات تساعد على رفاه شعوبها, فيما حكومات ونظم الجمهوريات العربية – بالتحديد- تظل أعينها مسلطة على جيوب الكادحين, وكلما وقعوا في ورطة طالبوا شعوبهم بدفع فاتورة الخروج ..
قالت العرب قديما: الحكمة عين العقل والصبر مفتاح الفرج صديقك من صدقك وليس من صدقك واللي ما يطيع يضيع وإذا فات الفوت ما ينفع الصوت ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد وإذا أردت أن تطاع أطلب المستطاع لأنه إذا صرخت المعدة فلن يسكتها الدواء.