غزة … صمود أسطوري وخذلان دولي
أحمد مهدي سالم
اللا موقف هو سيد الموقف حالة الثبات أو التوازن تتعرض باستمرار للاهتزاز انهمار سريع ومتتابع لوابلات المطر الأسود الذي يغطي السماء.
المنظر الذابح والقاهر للإنسان السوي والفاجر أعمدة الدخان الأسود الكثيف والصوت المرعب للصواريخ والقذائف واحتراق أجساد الأطفال والنساء والشيوخ والشباب وروائح الشواء في ولائم اللحم الطهور ومشاهد تهديم المنازل والمباني والمساجد والمدارس وتسويتها بالأرض لا يحضرني اسم الشاعر الفلسطيني الشاب الذي استضافته قناة “cbc” المصرية قبل أسبوع وألقى قصائد تهز المشاعر هزا وتخترق جدران السكوت المريب منها قصيدة يسخر فيها من زيف العالم المتحضر ويخاطب غزة وبحرقة أليمة يقول أحد مقاطعها:
العالم فحم مغشوش
لا ينتج فجرا جميلا أو نبيلا
إني أراك عروسا
من بهاء المدن تتجلى
أفيقي من برازخ السهو
حتى تفيق المشاعر الوسنانة
الثأر فكرة ساكنة في أعالي الشجر
ورأيت العالم صندلا
في قدمي مريم المجدلية
غزة العز تواجه أفظع آلات الدمار الشامل صمودا استشهادا جوعا احتقارا للموت وإصرارا على البقاء على جدران مواقف المقاومة ومطالب استرداد الأرض السليبة والوطن المغتصب وحرية العيش بآدمية محترمة وكرامة وكبرياء وكسر حواجز الصلف والتحكم المجاهر بتقييد الحركة داخل السجن الكبير وفرض طقوس الموت البطيء.
غزة تآمر عليها واصطف العالم أو جله مع بني صهيون بتأييدات قوية معلنة خاصة من الدول العظمى أو الكبرى راح زمان الحياء ومنحها الضوء الأخضر والغطاء الشرعي لضرب أبناء غزة الميامين وتدمير كل مكونات قطاعهم بغرض تركيع المقاومة وإماتة روح الحماس أو استئصاله من قلوب كل الناس والقضاء على كل طفل تنبض جوانحه بروح التحدي ومقاومة الاحتلال الغاصب الغاشم.
اثخنت الآلة الجهنمية الإسرائيلية الجراحات في جسم غزة المقاوم وتركيز الصهاينة على قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير منازلهم ومرافقهم الخدمية المحدودة مثل كهرباء غزة إنما يقصد به القضاء على الحاضنة الشعبية لفصائل المقاومة وعلى رأسها حماس حتى أن كثيرا من محلليهم تفاخروا بأن القبة الحديدية تحمي مواطني إسرائيل من الصواريخ في حين أن حماس والكلام لهم تستخدم المدنيين كدروع بشرية لحماية الصواريخ بهدف زعزعة ثقة سكان القطاع أو انقلابهم على حماس والجهاد وبقية التكوينات المقاتلة وكل ذلك يندرج في الدعاية الصهيونية الماكرة التي تستهدف ضعفاء النفوس وقليلي الإيمان بضرورة المواجهة القوية مع الكيان المحتل المجرم.
إسرائيل ما تنفك ماضية في عربدتها وغرورها وعنجهيتها حتى لتتمادى وتقصف مدارس “الاونروا” التابعة للأمم المتحدة لتبرق برسائل واضحة لكل مهم ومتابع وأن كانت غير معلنة تقول مثلا إنها فوق القانون الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن وأن قرار الكونجرس أو مجلس الأمن يضع أولا في تل أبيب ثم يرسل (لاحظ جولة ومقترحات كيري وزير الخارجية الأميركية) ومما يحز في النفس أن جزاء كبيرا من الصواريخ والطائرات التي تخطف الأرواح وتدمر المنشآت وكل الأهداف المتحركة حتى رؤوس الماعز هي مشتراة بأموال عربية كما تشير التحليلات إلى أن العرب يتابعون مايحدث في غزة بدماء باردة ليس هناك تفاعل قوي بناء أو دعم مادي سريع أو تحرك دبلوماسي فاعل أو تنسيق إعلامي محكم أو تبرع سخي أو أو تجمع احتجاجي ضاغط مما يحرج قادة وحكومات بلدانهم لتتحرك وتتقدم قليلا أو كثيرا نحو المؤازرة الصادقة الحقة, إدانات قوية خطوات دبلوماسية إشهار أو التلويح بأسلحة القوة “النفط والغاز” مثلا وسرعة إرسال المساعدات حسن استثمار العلاقات مع جماعات الضغط لإيقاف العدوان الوحشي مقاطعات لأبرز الدول الداعمة للكيان الإجرامي وغيرها من الوسائل التي سيكون لها تأثير سريع وقوي وصادم إذا صدقت النوايا.
اقتحام الصهاينة أو اعتداؤهم على غزة مؤشر فاضح على عجز ووهن وفجور العرب والمسلمين الذين لم يتفاعلوا ولو من بوابة أبسط الإيمان قمة الانبطاح المشين والسقوط المدوي للقومية وللتعاضد الإسلامي وللأخوة العربية ولعل من فوائد هذه الحرب الظالمة الشرسة على غزة أنها جمعت الفلسطينيين على قلب واحد أو قريب من ذلك .. وقوت لغة التخاطب ورفعت سقوف المطالب وجعلت المجتمع الدولي في موقف لا يحسد عليه ووضع محرج ومن جانب آخر كشفت بشكل جلي عن التواطؤ العربي الحقير والخذلان الأوروبي المبين والوهن الإسلامي المخجل والتعصب الأممي الذميم ويا فلسطين ياغزة لك الله.
إيماءات
لا ننكر أن الكلفة التدميرية باهظة لكنها لم تقض على جذور المقاومة ورسخت حتمية التشبث بالأرض وثوابت الكفاح المقدس مشهد استوقف