رفع الدعم وتكاملية الإصلاح الاقتصادي

أحمد الزبيري

 - الاقتصاد كان ومازال أحد الأسباب والعوامل الأولية والأساسية والرئيسية في مشاكل اليمن وأزماته وصراعاته وبالتالي المؤثر الأكبر على أمنه واستقراره ولكن هذا لا يعنى

الاقتصاد كان ومازال أحد الأسباب والعوامل الأولية والأساسية والرئيسية في مشاكل اليمن وأزماته وصراعاته وبالتالي المؤثر الأكبر على أمنه واستقراره ولكن هذا لا يعنى أبدا أن حل المعضلة الاقتصادية مستعصيا إذا ما توفرت قوة سياسية تحمل مشروعا حقيقيا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا هادفا يتجاوز مصلحة الأشخاص والفئات والجماعات والأحزاب إلى مصلحة شعب ووطن وهو ما نفتقده ولم يوجد الحامل لهذا المشروع القادر على التغيير في الواقع الاجتماعي وفي وعيه الفردي والجمعي لليمنيين منذ عقود وظل التعاطي مع الوضع الاقتصادي خاضعا لفهم ورؤى وتصورات فكر القوى التقليدية المهيمنة التي بسببها كانت الحلول والمعالجات لا تأتي أكلها حتى وان كانت صحيحة لأنها تحتاج إلى ظروف مواتية لتطبيقها وهكذا هو الحال مع قرار رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية.. فالقرار صحيح وقد يمنع تهريب هذه المشتقات ويرفد خزانة الدولة بالأموال التي تحتاجها لمواجهة متطلبات استحقاقات منع تدهور الوضع والذهاب إلى الانهيار الاقتصادي .
ولكن هذا القرار لوحده سيكون بمثابة مسكن وقتي ان لم يكن جزءا من حزمة من القرارات والإجراءات الضرورية التي تمس مكامن الأسباب التي أدت إلى هذا التدهور الاقتصادي مثل الفساد والأمن اللذان هما حجر الزاوية في أي إصلاح مالي وإداري وبدونها لا يمكن أن يكون هناك تنمية أو استثمار أو أي شكل من أشكال التطور في هذا البلد فهاتان الظاهرتان كل منهما تشترط وجود الأخرى ولعل الاعتراف في سياق إيراد الأسباب المباشر للتدهور الاقتصادي هو الفساد الذي يعتبر تهريب المشتقات النفطية تجليا لإحدى صوره كما أن التخريب الذي تتعرض له أنابيب النفط وأبراج الكهرباء هي الصورة الأخرى المعبرة عن مدى الترابط والتكامل بينهما وهذه المعاني والمضامين تنطبق أيضا على العنف والصراعات المسلحة والإرهاب وكل هذا ينسحب على مجمل الوضع السياسي فإن كنا نريد حقا إنجاح التسوية السياسية وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني علينا المضي في إصلاح اقتصادي جوهري يلامس القضايا الحقيقية لأزماتنا وما أفرزته من تحديات والأهم من هذا كله أن لا نحمل السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين يعيشون تحت خط الفقر ويفلت منها كبار القوم من المسؤولين عما وصلنا إليه ..الكل يجب أن يكون مستعدا لتحمل أعباء الإصلاح الاقتصادي إن أردنا إنقاذ الوطن وخلق أمل حقيقي للمواطن البسيط الذي لم يعد قادرا على المزيد من المعانات بدون أفق يقنعه عن الغد سيكون أفضل من الأمس لأن الخطر الحقيقي في تعميق حالة الإحباط التي استمرارها ينذر بما لا يحمد عقباه .
بدون شك قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية قرار صائب إذا ما تكامل مع توجه مدروس صادق ومسؤول يغلب مصالح الوطن العليا على مصلحة شريحة أو فئة ومن أجل هذا علينا أن نصطف جميعا مواطنين ونخب سياسية واقتصادية وثقافية وإعلامية في إطار مشروع بناء اليمن الجديد المستقر والمزدهر.

قد يعجبك ايضا