هنا عدن!!

حسين محمد ناصر


 - على عكس صوت تلك المذيعة التي خرقت آذان الحاضرين في فعالية نصرة دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة التي أقيمت في عدن الخميس الماضي برعاية رئيس الجامعة كانت كوكبة ا
على عكس صوت تلك المذيعة التي خرقت آذان الحاضرين في فعالية نصرة دعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة التي أقيمت في عدن الخميس الماضي برعاية رئيس الجامعة كانت كوكبة المذيعين في إذاعة وتلفزيون عدن بالأمس تمتلك الأصوات الجمهورية المعبرة التي تلامس شغاف القلب فتدخل إليه دون استئذان والمستوى الثقافي والمهني الرفيع الذي جعل منهم نجوما وشخصيات اعتبارية مهمة في أوساط المجتمع بالداخل وبعد ذلك عند هجرة بعضهم إلى الخارج!!
كانوا يدركون أهمية الأسلوب الأكثر تأثيرا وقربا من المتلقي المستمع والمشاهد فيتفننون في إيصاله إليه بهدوء وحنكة دونما حاجة للتشنج والصراخ والعويل والانفعال الصارخ الذي يفقدك إحدى حواسك ولا يحقق الغرض المراد بيسر وسهولة بقدر ما يقوم بدور منفر ومزعج يولد الرغبة بمغادرة المكان إن كان ينعق في مهرجان ما أو إغلاق المذياع والتلفاز إن كان صادرا منهما والاكتفاء بقراءة وقائع الحدث من خلال الصحافة المقروءة في اليوم التالي!!
ولأن مناسبة الحديث اليوم تختص بالذكرى 60 لتأسيس إذاعة عدن فإن المتابع لسير تطور العمل الإذاعي هناك لا يصعب عليه الإقرار أن مذيعي الأمس كانوا روادا ومن غير الممكن حاليا تعويضهم أو تقديم نماذج جديدة تتمتع بنفس مواصفاتهم وخبراتهم وحضورهم المتميز ولا يعني هذا انعدام وجود عناصر كفؤة ولكنك إن بحثت عنها ستجدها تنتمي إلى جيل قديم أضفى لمساته بقوة على الأداء الإذاعي أما العناصر الشابة والجديدة فلا زالت بحاجة إلى تأهيل وصقل تدريب على أكثر من صعيد وبحاجة أكثر إلى قراءة دقيقة لمفهوم الإعلام ومواصفات المذيع والاطلاع على تجارب وخبرات من سبقوهم محليا وخارجيا.
وهذه المهمة بالإضافة إلى أنها مهمة ذاتية محضة تتعلق بالمذيع والمعد والمخرج أساسا إلا أنها تندرج ضمن مهام المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون من خلال إقامة معهد متخصص للفنون الإذاعية المختلفة ينخرط فيه طلاب ما بعد شهادة معاهد الإعلام من ذوي الميول الإذاعية بمختلف تخصصاتها لتلقي كل المعارف التي تؤهلهم أن يكونوا مذيعين ومعدين ومخرجين على مستوى مقبول يتصدى للواجب والمهام على أفضل حال وثقة.
من منا لا يتذكر في عدن حسين الصافي وعبدالرحمن بلجون وعلوي السقاف وجمال الخطيب وأمل بلجون والحماطي وجعفر مرشد وعبدالقادر سعيد هادي وجميل مهدي وعديلة بيومي وفيصل باعباد وباجنيد وبامطرف وغيرهم من كبار الإذاعيين.
كان بعضهم يجيد التحدث بأكثر من لغة وكانوا إن كتبوا مقنعين, وإن ظهر أحدهم في ندوة أو محاضرة تجلت إمكانياته الثقافية والمهنية في أحسن مستوى من الحديث الممتع والمفيد يسترجع ذاكرته المليئة بأحداث العصر والتاريخ لينثرها أمام المستمع والمشاهد بسلاسة وصفاء ذهن وعندما يستضيف أحدهم يتراءى لك أنه هو الضيف المختص لسعة اطلاعه ووفرة معلوماته.
إن هذه المناسبة الخاصة بذكرى تأسيس إذاعة عدن وبعدها بأيام ذكرى تأسيس تلفزيون عدن وهما يصنفان بأنهما من أقدم الوسائل الإعلامية في المنطقة نرى أن لا تمر مرور الكرام ولا بد أن يكون من ضمن فعالياتها الاحتفائية عقد ندوة تقييمية تشمل مختلف خدمات الإذاعة والتلفزيون ومستوى الكادر (المذيع- المعد- المخرج) وكيفية تطوير مهاراته بشكل أسرع وأفضل ليواكب قدرات وإمكانيات أقل كادر إذاعي خبرة ومعرفة على مستوى المنطقة ومدة بمكتبة إعلامية تخصصية وتنظيم الدورات التدريبية الدورية حتى يظهر على الشاشة وخلف الميكرفون بحضور متميز وثقة في الذات والإمكانية ليقنع نفسه أولا أنه قد أضحى ملما بمهنته ورسالته وصاحب مسؤولية عظيمة في المجتمع حتى يستطيع أداء مهمته كأفضل ما يمكن لإعلامي أن يؤديه ويظهر به أمام جماهير المشاهدين.
لقد حان الوقت لأن تنفض المؤسسة عن نفسها وتوابعها غبار الترهل والانطواء والأداء الروتيني للمهام وعدم اللامبالاة والخروج من دائرة ليس بالإمكان أفضل مما كان هذا إذا كان هناك فعلا شيء اليوم (أفضل مما كان)!!
هامش
– تأسست إذاعة عدن في 7 أغسطس 1954م.
– أولى إذاعات منطقة الخليج والجزيرة.
– من أوائل مؤسسيها توقيف إيراني حسين الصافي.
– من أوائل المساهمين فيها الشيخ عبدالله محمد حاتم ولطفي جعفر أمان ومحمد سعيد جرادة ثم أحمد شريف الرفاعي وعلوي السقاف وعبدالرحمن جرجرة وعبدالحميد سلام وأحمد زوقري وعبدالله عزعزي وعبدالرحمن الحيدري وغيرهم.
– تولى مسؤولية الإذاعة كل من السلطان أحمد عبدالله الفضلي وعبدالرحمن جرجرة وعلي سالم عبده والسلطان الواحدي ومحمد سعيد الحصيني وحسين الهبيلي.
– انطلقت منها أصوات فضل اللحجي والقعطبي والماس والقمندان وعلي أبوبكر ومحمد جمعة

قد يعجبك ايضا