الإصلاحات السياسية والاقتصادية

عبدالرحمن مراد

مقالة


 - يبدو أن وعي بعض الأطراف السياسية في اليمن ما يزال عاجزا عن التفاعل مع معطيات المرحلة الجديدة الذي رأى في الخيار المدني طريقا واضحا إلى المستقبل وتجاوز مفر

يبدو أن وعي بعض الأطراف السياسية في اليمن ما يزال عاجزا عن التفاعل مع معطيات المرحلة الجديدة الذي رأى في الخيار المدني طريقا واضحا إلى المستقبل وتجاوز مفردات الماضي من القوة والعتاد والحضور الاجتماعي القائم على العصبية والانتماء العرقي أو السلالي فالواقع الجديد أصبح يفسح مجالا واسعا للحالة المدنية القائمة على المشروع الثقافي والمشروع السياسي ولا مجال فيه لكل بناءات الماضي التليدة.
لقد دلت التفاعلات الإعلامية ومواقف بعض الأطراف من قرار الإصلاحات الاقتصادية على حضور الانفعال وغياب البعد الموضوعي المستند إلى الحقائق والبيانات والقادر على التفكيك والبناء برؤى منهجية لم نجد حزبا أو طرفا سياسيا فاعلا قال شيئا ذا بال أو قدم طرحا نقديا ورؤية جديدة تكون بديلا لما هو كائن أو تحمل تحت جناحيها حلا لحالة الانهيار الذي يتهدد البناء العام للدولة اليمنية بل رأينا بيانات سياسية رافضة لمجرد الرفض وخطابا إعلاميا انفعاليا يقول شيئا ولا يكاد يقول ورأينا حالة انفعالية في الشارع يقودها الطيش والفوضى ولا تدرك عواقب ما تحدثه من أضرار على بيئتها وما تضيفه إلى حالة الاحتباس الحراري من خلال حرق الإطارات من غازات قاتلة ومدمرة.
لقد غاب الوعي المدني عن أرباب المدنية فالمؤسسة السياسية المدنية التي لا تولي البناءات الثقافية والبحثية في أطرها التنظيمية اهتماما تكتب على نفسها لافتات الفناء وتظهر أمام الجماهير هزيلة وغير قادرة على الفهم والتفاعل كما رأينا ونحن نعتصر فكرة الإصلاحات الاقتصادية فقد بدت الأحزاب على حقيقتها المرة والتقليدية لا تملك رؤية وليس لديها بدائل وكانت ثقافة الفيد والغنيمة طاغية على ثقافة المشروع والنهضة والرؤية والبدائل ويبدو أن اشتغال الأحزاب على المصطلحات الكبيرة كمصطلح الشراكة الوطنية اشتغال استهلاكي أكثر منه اشتغالا انتاجيا إذ أننا حتى اللحظة نرى المصطلح كحالة ضبابية وعائمة بلا محددات موضوعية تحدها وليس المصطلح من رؤية فلسفية واضحة ترسم اتجاهاته الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية وأصبح الحديث عن الشراكة الوطنية في الثروة والسلطة شعارا تعزفه الأحزاب ولكنها تقف عاجزة أمام فلسفته في أبعاده المختلفة.
وأمام مثل ذلك نعتقد أن رفع الدعم هو الخطوة الأولى في سلم تحقيق الشراكة من خلال إحداث مصفوفة إصلاحات اقتصادية تستلهم موضوع الشراكة وتضع الحكومة أمام قضية جوهرية ومسؤولية أخلاقية بالدرجة الأولى فالذين يحتكرون اقتصاد الدولة في منفعتهم الذاتية وهم أفراد أصبح التفكير في كسر احتكارهم ضرورة حتمية تمليها الشراكة والمرحلة فشركات الإنشاءات والاتصالات وشركات البترول وكل نشاط اقتصادي يرتبط بالدولة بها ومن خلالها أصبح هدفا لسياسة الإصلاحات وبحيث يتحول إلى شركات مساهمة وفق آلية إجرائية تضمن الحدود الدنيا من مبدأ الشراكة وبحيث نكسر حالة الاحتكار التي تمارسها مجموعة الأفراد أو يمارسها رأس المال فالقضية الوطنية ليست قضية عبثية وموضوع الشراكة أيضا ليس موضوعا عائما وعبثيا وتفكيك منظومة المصالح القديمة وبناء منظومة علاقات جديدة لتشمل القدر الأكبر من الناس وتحقق فلسفة المرحلة هو الثورة الحقيقية التي يجب أن تطال كل الأطر والبناءات التقليدية لتخلق واقعها وتصنع مستقبلها كما أن الاشتغال على ثقافة الانتاج في السياسات العامة للحكومة والخروج من دائرة ثقافة الاستهلاك ثورة ومثل ذلك يتطلب جهدا مضاعفا استنفارا للطاقات البحثية والفكرية ورؤى متطلعة وهو يصب في دائرة الإصلاحات التي يفترض أن تنال من كل البناءات وأن لا يقتصر دورها على رفع الدعم دون الاشتغال على المنظومة الاقتصادية في كليتها ودون ترتيب أوضاع محدودي الدخل لأننا بذلك سنظل ندور في حلقة مفرغة لا طائل منها.
نريد تفكيرا جادا يحد من الزحف العمراني الأفقي للمدن والتركيز على الرأسي وتفكيرا جادا في المصارف التي نشأت وفق أهداف بعينها وانحرفت عنها وبحيث يحدث ذلك التفكير تجديدأ في الأهداف وبصيغة تتوافق مع فلسفة المرحلة نريد تفكيرا استثماريا للإنسان باعتباره ثروة حقيقية تعود بالنفع على المستويات المتعددة للتنمية نريد تفكيرا جادا في التوازن الاجتماعي والعدالة الاجتماعية وبحيث تكون ضريبة الدخل 5% أو 7% لأرباب الدرجات الوظيفية الدنيا وفي مستواها الحالي لأرباب الدرجات الوظيفية العليا والقيادية وتجويدا في مستوى المهارات الفنية للعاملين في المجالات المختلفة واعتبارا لأرباب الكفاءات والقدرات الإبداعية والابتكارية وإشاعة لثقافة الإنتاج وتنمية لم

قد يعجبك ايضا