المالية والضرائب والجمارك .. قيادات جديدة (2 – 2)
جمال عبدالحميد عبدالمغني
سنركز في هذه التناولة على الضرائب باعتبارها العمود الفقري لأي اقتصاد ناجح في العالم, ولأنها المورد الرئيسي والمستدام والآمن لموازنات الدول المتقدمة والنامية وحتى معظم الدول المتخلفة أو الفقيرة, ولا ننسى أن الجمارك نوع من أنواع الضرائب غير المباشرة, وهي مهمة أيضا, وحتى ندرك أهمية الضرائب للأوطان والشعوب يجب أن نعلم أن الضرائب تشكل حوالي (80 %) من موازنة أكبر وأغنى دولة بمواردها الطبيعية, الولايات المتحدة الأميركية, التي يعلم الجميع ربما أنها الأغنى بإنتاج النفط واليورانيوم والنحاس والحديد وغير ذلك, لكن كل تلك الثروات الهائلة لا تشكل سوى (20 %), أما بلد مثل اليابان وكذلك معظم دول أوروبا فإن الضرائب تشكل وتمثل أكثر من (90 %) من موازناتها, وتزيد في مصر على (65 %) من الموازنة المصرية وأكثر من (70 %) من الموازنة السورية, وتزيد على (80 %) من موازنات تونس ولبنان, وتقترب من هذه النسب في معظم دول أميركا اللاتينية والأفريقية الفقيرة بالموارد الطبيعية.
وفي بلادنا التعيسة للأسف تشكل الضرائب رقما هزيلا ونسبة مزعجة وشاذة عن شعوب العالم أجمع, حيث تتراوح بين (15 % و20 %) دائما حتى في ضريبة المبيعات التي يسددها المواطن وليس للتجار أي فضل فيها, ينهب التجار منها (90 %) قبل إيصالها إلى خزينة الدولة للأسف, ولدينا ما يدل على ذلك.
إذا, حتى يكتب لهذه القيادات الجديدة النجاح في مهمتهم الحساسة والخطيرة وحتى يكتبهم التاريخ في صفحاته المشرقة كأبطال قوميين انتشلوا وطنهم من أسوأ مستنقع أوقعه فيه غول الفساد الرهيب عليهم أن يكرسوا كل أوقاتهم الممكنة لإصلاح كل الأمور المعوجة في المصلحة ومكاتبها والبحث عن أنجع الوسائل للارتقاء بمستوى العمل, وأن يبحثوا عن كل ريال يهدر من مستحقات الدولة الضريبية, وأن تتغير العلاقة بين رجال الضرائب والجمارك من جهة, والتجار من جهة أخرى, كما أشار الوزير في اللقاء التشاوري الأول الذي جمعنا به في بداية شهر رمضان المبارك, بحيث تكون علاقة ندية وقانونية مبنية على الاحترام المتبادل والمصداقية في التعامل بعيدا عن علاقة التبعية والتدخل في أمور وسياسات الدولة, وكذلك لا بد من الابتعاد عن حملة المباخر ومزيفي الحقائق وشلل النميمة, الذين أفسدوا وأربكوا أعمال القيادات السابقة حتى وصلنا إلى هذا الحال, أيضا لا بد من التركيز على توفير قاعدة بيانات واسعة, ولا ننسى الربط الشبكي كما هو معمول به في دول العالم وتصحيح القوانين كما نصت عليه مخرجات الحوار.
* رئيس المنتدى الوطني لمكافحة الفساد
نائب مدير عام الضرائب والرسوم بالمصلحة