القفص الخالي
يكتبها: علي بارجاء
يكتبها: علي بارجاء –
القفص: هو قفص الاتهام. المكان: هو قاعات المحاكم الشرعية الموقرة. التهمة: كل عمل مناف للشرع والقانون يرتكبه فرد في المجتمع أيا كانت مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية. العقاب: الحبس أو الإعدام بعد ثبوت التهمة انتصارا لعدالة الله في الأرض. الوسيلة: تفعيل جهاز الرقابة والضبط والاستشعار لمنع الجرم قبل وقوعه, أو الحد من استفحاله, أو ضبط فاعله وإلقاء القبض عليه, والزج به في قفص الاتهام, لأنه المكان الوحيد الملائم لمثله, حتى يأمن الوطن والمجتمع من شرöه.
هذا الذي لم يعد يحدث في بلادي. حيث يرتكب الجرم, ويفر المجرم, وتقيد القضية ضد مجهول. أو يعرف الجاني, فتتدخل الوساطات التي تحاول حمايته من أن يكون عرضة للعقاب, وأن يتحمل المسؤولية بالشجاعة نفسها التي جعلته يرتكب فعله من غير أن يحسب للعقاب حسابا, أو يضع أي اعتبار لشرع أو قانون ينبغي أن يحتكöم إليهما الجميع, وأن يقفا منهم على مسافة واحدة, عملا بمبدأ أن الجميع سواسية أمامهما, فلا فضل لأحد منهم على الآخر حتى وإن بلغ درجة تقوى الأنبياء.
نحن في دولة مسلمة, ودستورها يجعل نصوص التشريع الإسلامي المصدر الأول للتشريع فيها. ومن نصوص هذا التشريع حديث الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شأن المرأة المخزومية التي سرقت. وجاء فيه قوله: «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم (الشريف) تركوه, وإذا سرق فيهم (الضعيف) أقاموا عليه الحد. وأيم الله, لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها». إن الرسول هنا يشير إلى أمة هلكت بسبب محاباتها, وغياب المساواة والعدالة فيها. في دلالة واضحة إلى أن أمة الإسلام ينبغي أن ينتهي فيها هذا السلوك القائم على الكيل بمكيالين في تنفيذ أحكام الشريعة والقانون المدني.
ينبغي على كل المتشدقين باسم الإسلام وهم يرون ما يحدث من جرائم قتل وسرقة ولا يحركون ساكنا, أن يدعوا إلى التطبيق الصارم للأنظمة والقوانين في البلاد, وإلا ينبغي عليهم أن يراجعوا موقفهم من الإسلام الحق. فليس الإسلام هو العلم بنصوصه والتشدق بها. الإسلام هو العمل بما في النصوص, وإقامة الحد على كل الذين أنهكوا وأفقروا البلاد, وزرعوا الرعب في نفوس العباد, وأكثروا في الأرض الفساد.
إقامة الإسلام في البلاد يعني تطبيقه في الحكم حفاظا على الأمن والسلام. وأنه لمن الغرائب والعجائب أن نرى في واقعنا كل هذا الفساد, والقتل والنهب للمال الخاص والعام. في حين نرى قفص الاتهام خاليا يخوي على عروشه. بينما تنفذ القوانين الوضعية بصرامة في دول نسمöيها بدول الكفر والضلال; فعاشت هي في أمن وتطور, وعشنا نحن في أزمات ورعب وتخلف لا يرضöي الله ورسوله.
إنها مفارقة لا ندري كيف نتصور أو نصدöق حدوثها. أخيرا, فقد صدق من قال: (من أمöن العöقاب; أساء الأدب).