الطائفية .. الخراب القادم

عبدالخالق النقيب

مقال 


 - 
ها هي الطائفية الآن تتحدث بنبرة ظافرة, مثل كل المنتصرين تمضي في الطريق ونكتفي بالنظر إليها, وكأنها غير معنية بالفوارق الزمنية وبأفكار دامرة لم تعد صا

ها هي الطائفية الآن تتحدث بنبرة ظافرة, مثل كل المنتصرين تمضي في الطريق ونكتفي بالنظر إليها, وكأنها غير معنية بالفوارق الزمنية وبأفكار دامرة لم تعد صالحة للتنافس, كدست كل المساحات الهائلة ومضت تختزلها في برهة من الزمن المغمور بنشوة انتصار غامض, إنها متفرغة لأيامها تتهيأ لاستعادة ظفرتها الذهنية وبعض من عبث وفوضى إرث قديم, من سيفكر في إيقاف حماستها ونهمها غير المألوف ليتوقف زحفها القادم على أشيائنا وأحلامنا المهترئة, إنها تفكر بتحقيق المزيد من الأرصدة الإضافية على حساب قيم نادرة في التعايش والإخاء وتهديد قيم أخرى ليس هينا أن ندعها تتآكل وتندثر إلى أن نفقد الشعور بوحدة الانتماء الديني هو كل ما تبقى لنا من صلة بالتزامنا الأخلاقي تجاهه.
ستصرخ في وجه الخراب القادم ولن يسمعك أحد, الأمر أشبه بالاختناق, كثيرة هي الأشياء التي تمنح الطائفية مساحات شاسعة لتتقدم, ستتقدم منتشية بكل ما فيها من غرور ولن تكف عن ترديد ما جاءت لأجله إلى أن نذعن لأحقيتها, لن يجرؤ أحد على الوقوف أمامها ومساومتها بفكرة مقابلة, كل ما ستسمعه سيذكرك بكل ما صادفته من هرطقات وجدل ونزاع لم يلق بإرثنا الديني, ستذكرك بوجع حاول التاريخ الهرب من سرد تفاصيله طويلا, كم تبدو الطائفية دخيلة وباعثة على الكآبة, إنها قادمة فقط لتثأر لمخزون جدلي قديم أعاق الحياة وأهدرها للاشيء .
لا يوجد ما قد يكون استثناء, ستمضي الطائفية إلى أن تكتمل فكرتها المخبئة, لن تتوقف عند نقطة العودة, ستتجاوز اللا عودة وكل خطوط التماس, سيفكر الآخرون بالانتقام, سيتجدد شعورهم بالحاجة للانتقام كلما لمحوا ظلها الخافت وهو عاكف على سن الرماح, متأهب لفتح قريب ونصر من الله جديد .. سيخبرهم ذلك الظل اللعين أنه يفكر في بيت المقدس, وأنه يتحسس أصوات الكنائس وهي تقرع أجراسها للمسيحيين, وكم كان حظهم من الانتصار كثيفا, وقد ظفروا بفتوحات أعادت المجد للأمة وصار المسيحيون يدفعون الجزية عن يد وهم صاغرون..
كل هذه الأرصفة من الأحلام والأوهام والأماني الحبلى لن تجد لها طريقا محتملا أن يكون له نهاية, إنه خراب قادم, سيتسلل إلينا شيئا فشيئا, سيواصل زحفه في مهمة تغمس أنف معتقداتنا الدينية في الوحل وتسقط كل حرمات الله, ستدعي أنها قادمة بالنيابة عن الله, سنختلف معها كثيرا, إلى أن يتآكلنا الخراب ونبقى بلا هوية ولا دين أيضا, ستطفو مجموعة من الأحقاد ونفقد الإحساس الجمعي بحاجتنا لدين وهوية, سنمكث داخل دائرة من الحسابات المعقدة وستحضر كل الحسابات الشريرة, سترافقنا رغبة التنازع على وطن, نحن على وشك أن نعيش واحدة من أكثر الحماقات خطورة.
من يسمع كل هذا الصراخ.. إنه جنون وعبث محض.

قد يعجبك ايضا