مفهوم الزكاة ودورها التربوي
ياسر ثابت عبدالله

• يوجد في كتب الفقه الإسلامي العديد من التعريفات المتعلقة بزكاة المال وتدور جميعها نحو مفهوم واحد هو أنها (تمليك جزء معين من مال معين إلى من يستحقه من فئات معينة لتحقيق رضا الله وتزكية النفس والمال والمجتمع).
ويتضمن هذا التعريف المعالم الأساسية لزكاة المال وهي :
-تعتبر زكاة المال نقل ملكية وليست منة أو فضلا أو هبة من صاحب المال على المستحق ولا يجوز لمن نقل الملكية أن يعيد ملكيتها مرة أخرى لمن نقلت إليه مصداقا لقول الله تعالى في مواضع متعددة في القرآن (وآتو الزكاة) يعني تمليك الزكاة.
-تتمثل زكاة المال في جزء معين معلوم في المال والذي يحدد وفقا لقواعد معينة مصداقا لقول الله تعالى : (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم ) الآية (24) المعارج, ولفظ حق في هذه الآية يوضح أن زكاة المال فرض واجب الأداء .
-يجب أن يتوفر في مال الزكاة شروط معينة وتختلف هذه الشروط من مال إلى آخر حسب طبيعة هذا المال وطرق استثماره .
-يجب أن يصل مقدار المال نصابا معينا في معظم أنواع الزكوات حتى تجب فيه زكاة المال تحقيقا للعدالة الاجتماعية وتقريبا للفوارق بين الناس ولضمان حد أدنى للكفاف.
-توجه حصيلة زكاة المال إلى مصارف معينة محددة وفقا لقول الله تعالى في سورة التوبة الآية (60) : (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ).
-تهدف زكاة المال إلى تحقيق العديد من الأغراض العقائدية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية من أهمها: الامتثال لأمر الله الذي رزق العبد هذا المال وبذلك تطيب نفسه ويطهر ماله كما أنها تساعد على تحقيق العدالة الاجتماعية وتنمية الاقتصاد وهذا مصداقا لقوله سبحانه وتعالى في سورة التوبة الآية (103) : (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم).
-الزكاة عبادة لله وطاعة ويستوجب ذلك تجديد النية دائما عند أداء الزكاة واستشعار النماء والبركة والتزكية من الله سبحانه وتعالى مصداقا لقوله تبارك وتعالى : “خذú مöنú أمúوالöهöمú صدقة تطهöرهمú وتزكöيهöم بöها وصلö عليúهöمú إöن صلاتك سكن لهمú”.
-وإيتاء الزكاة من دلائل الإيمان لأن المال من متاع وزينة الحياة فإذا ضحى المزكي بالمال الذي يحبه امتثالا لأوامر الله وطمعا في رضائه عز وجل فهذا دليل على قوة الإيمان ولقد أشار إلى ذلك الله سبحانه وتعالى في قوله:( لن تنالوا البöر حتى تنفöقوا مöما تحöبون).
والزكاة حق وليست مöنة يجب على المزكي الإيمان بأن الزكاة ليست هبة أو تبرعا أو منة على الفقير والمسكين ونحوهم بل حق معلوم لهم مصداقا لقول الله تبارك وتعالى ( والذöين فöي أمúوالöهöمú حق معúلوم لöلسائöلö والúمحúرومö) .حيث يقوم تطبيق الزكاة على قيم إيمانية وأخلاقية منها: الإخلاص والصدق والأمانة والتضحية وهذا يحمي المزكي من هوى نفسه الأمارة بالسوء نحو التحايل على أحكام الزكاة ليتهرب من أدائها يقول الله سبحانه وتعالى : (وإöن كان مöثúقال حبة مöنú خرúدل أتيúنا بöها وكفى بöنا حاسöبöين) وعندما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ” (رواه البخاري ومسلم) . ويجب على المزكي أن يوقن بأن الزكاة تقوöي روابط الأخوة والحب في الله كما أنها تطفئ الحقد والحسد والبغضاء وبذلك يتواجد المجتمع المتكافل المتضامن المتآخي المتحاب الذي ينطبق عليه قول الله عز وجل: (الúمؤúمöنون والúمؤúمöنات بعúضهمú أوúلöياء بعúض يأúمرون بöالúمعúروفö وينúهوúن عنö المنكرö ويقöيمون الصلاة ويؤúتون الزكاة ويطöيعون الله ورسوله أوúلئöك سيرúحمهم الله). كما يجب على العامل على الزكاة أن يعامل المزكين بالحسنى وكذلك يجب على المزكين التعاون مع العاملين على الزكاة … فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عندما أعلن عن جمع الزكاة تحسس برفق مشاعر الحرص في الناس متلطفا في علاجها فقال : “سيأتيكم رقيب مبغوض يعني جامع الزكاة فإذا جاءكم فرحبوا به وخلوا بينهم وبين ما يبتغون فإن عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليهم وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم وليدعوا لكم ” ( رواه أبو داود).